هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


أهلا وسهلا بك يا |زائر| في سوق السراي
 
شبكة قلوب العربأحدث الصورالرئيسيةالتسجيلدخول

شاطر | 
 
 

 كِتَابُ الْعَقِيدَةِ وَالرِّدَّةِ

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
lobnan
عضو نشيط
عضو نشيط
lobnan

الدولة : لبنان
عدد المساهمات : 98
تاريخ التسجيل : 21/12/2010
العمر : 54
ذكر
 
مُساهمةموضوع: كِتَابُ الْعَقِيدَةِ وَالرِّدَّةِ   كِتَابُ الْعَقِيدَةِ وَالرِّدَّةِ I_icon_minitimeالأربعاء ديسمبر 29, 2010 6:40 am

 

بَهْجَةُ النَّظَرِ
كِتَابُ الْعَقِيدَةِ وَالرِّدَّةِ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَهُ النِّعْمَةُ وَلَهُ الْفَضْلُ وَلَهُ الثَّنَاءُ الْحَسَنُ وَالصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلاَنِ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ أَشْرَفِ الْمُرْسَلِينَ وَعَلَى ءَالِهِ وَصَحْبِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ
**************************************************
[ 1 ] ـ س : مَا هُوَ الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ ؟
ج : الْفَرْضُ الْعَيْنِيُّ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ هُوَ الْقَدْرُ الَّذِي يَجِبُ تَعَلُّمُهُ مِنْ عِلْمِ الإِعْتِقَادِ وَمِنَ الْمَسائِلِ الْفِقْهِيَّةِ وَمِن أَحْكَامِ الْمُعَامَلاَتِ لِمَنْ يَتَعَاطَاهَا وَغَيْرِهَا، كَمَعْرِفَةِ مَعَاصِي الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ كَاللِّسَانِ وَغَيْرِهِ، وَمَعْرِفَةِ الظَّاهِرِ مِنْ أَحْكَامِ الزَّكَاةِ لِمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ، وَالْحَجِّ لِلْمُسْتَطِيعِ. قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسلَّمَ: "طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ" رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
[ 2 ] ـ س : مَنْ هُوَ الْمُكَلَّفُ الْمُلْزَمُ بِالدُّخُولِ فِي دِينِ الإِسْلاَمِ وَالْعَمَلِ بِشَرِيعَتِهِ؟
ج : الْمُكَلَّفُ هُوَ الْبَالِغُ الْعَاقِلُ الَّذِي بَلَغَتْهُ دَعَوْةُ الإِسْلاَمِ، وَيَكُونُ الْبُلُوغُ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّكَرِ بِحُصُولِ أَمْرٍ مِنِ اثْنَيْنِ: رُؤْيَةِ الْمَنِيِّ أَوْ بُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَمَرِيَّة، وَلِلأُنْثَى بِحُصُولِ أَمْرٍ مِنْ ثَلاَثَةٍ: رُؤْيَةِ الْمَنِيِّ أَوْ دَمِ الْحَيْضِ أَوْ بُلُوغِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَمَرِيَّة. فَمَنْ مَاتَ دُونَ الْبُلُوغِ فَلَيْسَ مُكَلَّفاً، وَمَنِ اتَّصَلَ جُنُونُهُ مِنْ قَبْلِ الْبُلُوغِ إِلَى مَا بَعْدَهُ وَمَاتَ وَهُوَ مَجْنُونٌ فَلَيْسَ مُكَلَّفاً، وَمَنْ عَاشَ بَالِغاً وَلَمْ يَبْلُغْهُ أَصْلُ الدَّعْوَةِ أَيْ: شَهَادَةُ أنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ فَلَيْسَ مُكَلَّفًا. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [سُورَةَ الإِسْرَاء/ 15].
وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلاَثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ وَعَنِ الصَّبِيِّ حَتَّى يَحْتَلِمَ وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ" رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ.
[ 3 ] ـ س : مَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: "وَالْتِزَامِ مَا لَزِمَ عَلَيْهِ مِنَ الأَحْكَامِ"؟
ج : مَعْنَاهُ أَدَاءُ الْوَاجِبَاتِ وَاجْتِنَابُ الْمُحَرَّمَاتِ، فَالْعَبْدُ التَّقِيُّ هُوَ الَّذِي أَدَّى الْوَاجِبَاتِ وَتَجَنَّبَ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمَنْ مَاتَ عَلَى ذَلِكَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ غَيْرِ سَابِقِ عَذَابٍ.
[ 4 ] ـ س : بَيِّنْ أَعْلَى الْوَاجِبَاتِ وَأَفْضَلَهَا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى.
ج : أَعْلَى الْوَاجِبَاتِ وَأَفْضَلُهَا عِنْدَ اللهِ تَعَالَى الإيِمَانُ بِاللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أَفْضَلُ الأَعْمَالِ إيِمَانٌ بِاللهِ وَرَسُولِهِ" رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. وَالإيِمَانُ شَرْطٌ لِقَبُولِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، فَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَرَسُولِهِ فَلاَ ثَوَابَ لَهُ أَبَداً فِي الآخِرَةِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ﴾ [سُورَةَ إِبْرَاهِيم/ 18].
[ 5 ] ـ س : بَيِّنْ أَفْضَلِيَّةَ عِلْمِ التَّوْحِيدِ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ.
ج : عِلْمُ التَّوْحِيدِ لَهُ شَرَفٌ عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْعُلُومِ لِكَوْنِهِ مُتَعَلِّقًا بِأَشْرَفِ الْمَعْلُومَاتِ، وَشَرَفُ الْعِلْمِ بِشَرَفِ الْمَعْلُومِ، فَلَمَّا كَانَ عِلْمُ التَّوْحِيدِ يُفِيدُ مَعْرِفَةَ اللهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَمَعْرِفَةَ رَسُولِهِ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ، وَتَنْزِيهَ اللهِ عَمَّا لاَ يَجُوزُ عَلَيْهِ، وَتَبْرِئَةَ الأَنْبِيَاءِ عَمَّا لاَ يَلِيقُ بِهِمْ، كَانَ أَفْضَلَ مِنْ عِلْمِ الأَحْكَامِ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ﴾ [سُورَةَ مُحَمَّد/ 19].
وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي كِتَابِهِ الْفِقْهِ الأَبْسَطِ: "إِعْلَمْ أَنَّ الْفِقْهَ فِي الدِّينِ أَفْضَلُ مِنَ الْفِقْهِ بِالأَحْكَامِ". اهـ
[ 6 ] ـ س : هَلْ يُشْتَرَطُ لِلدُّخُولِ فِي دِينِ الإِسْلاَمِ لَفْظُ: أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ؟
ج : لاَ يُشْتَرَطُ هَذَا اللَّفْظُ بِعَيْنِهِ، بَلْ لَوْ قَالَ لَفْظًا يُعْطِي مَعْنَاهُ كَأَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ أَوْ: لاَ رَبَّ إِلاَّ اللهُ مُحَمَّدٌ نَبِيُّ اللهِ كَفَى لِلدُّخُولِ فِي الإِسْلاَمِ، وَلَكِنْ لَفْظُ أَشْهَدُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ، لأَِنَّ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيَّ يَتَضَمَّنُ الْعِلْمَ وَالاِعْتِقَادَ وَالاِعْتِرَافَ، فَفِيهَا مِنْ تَأْكِيدِ الْمَعْنَى مَا لَيْسَ فِي غَيْرِهَا.
[ 7 ] ـ س : اذْكُرِ الدَّلِيلَ عَلَى وُجُودِ اللهِ.
ج : اللهُ مَوْجُودٌ لاَ شَكَّ فِي وُجُودِهِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿أَفِي اللهِ شَكٌّ﴾ [سُورَةَ إِبْرَاهِيم/ 10]. أَيْ لاَ شَكَّ فِي وُجُودِهِ، وَهَذَا الْعَالَمُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ اللهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، لأَِنَّهُ لاَ يَصِحُّ فِي الْعَقْلِ وُجُودُ فِعْلٍ مَا مِنْ غَيْرِ فَاعِلٍ، كَمَا لاَ يَصِحُّ وُجُودُ نَسْخٍ وَكِتَابَةٍ مِنْ غَيْرِ نَاسِخٍ وَكَاتِبٍ، فَهَذَا الْعَالَمُ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ مِنْ بَابِ أَوْلَى وَهُوَ اللهُ تَعَالَى.
وَاللهُ مَوْجُودٌ لاَ يُشْبِهُ الْمَوْجُودَاتِ، مَوْجُودٌ بِلاَ كَيْفٍ وَلاَ مَكَانٍ، قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ الرِّفَاعِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "غَايَةُ الْمَعْرِفَةِ بِاللهِ الإِيقَانُ بِوُجُودِهِ تَعَالَى بِلاَ كَيْفٍ وَلاَ مَكَانٍ".
[ 8 ] ـ س : مَا مَعْنَى أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ إِجْمَالاً؟
ج : مَعْنَى أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ إِجْمَالاً: أَعْتَرِفُ بِلِسَانِي وَأَعْتَقِدُ بِقَلْبِي أَنْ لاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللهُ، أَيْ لاَ أَحَدَ يَسْتَحِقُّ أَنْ يُتَذَلَّلَ لَهُ نِهَايَةَ التَّذَلُّلِ إِلاَّ اللهُ، وَهَذِهِ هِيَ الْعِبَادَةُ الَّتِي مَنْ صَرَفَهَا لِغَيْرِ اللهِ صَارَ مُشْرِكًا، وَلَيْسَ مَعْنَاهَا مُجَرَّدَ النِّدَاءِ أَوِ الاِسْتِعَانَةِ أَوِ الاِسْتِغَاثَةِ كَمَا زَعَمَ بَعْضُ النَّاسِ، قَالَ الإِمَامُ تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ: "الْعِبَادَةُ أَقْصَى غَايَةِ الْخُشُوعِ وَالْخُضُوعِ".
[ 9 ] ـ س : مَا مَعْنَى الْوَاحِدِ إِذَا أُطْلِقَ عَلَى اللهِ؟
ج : مَعْنَى الْوَاحِدِ أَنَّ اللهَ لاَ شَرِيكَ لَهُ فِي الأُلُوهِيَّةِ وَلاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ سِوَاهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/ 163]. وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْفِقْهِ الأَكْبَرِ: "وَاللهُ وَاحِدٌ لاَ مِنْ طَرِيقِ الْعَدَدِ وَلَكِنْ مِنْ طَرِيقِ أَنَّهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ".
[10 ] ـ س : مَا مَعْنَى الأَحَدِ؟
ج : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ هُوَ بِمَعْنَى الْوَاحِدِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الأَحَدُ هُوَ الَّذِي لاَ يَقْبَلُ الإِنْقِسَامَ، أَيْ لَيْسَ جِسْمًا لأَِنَّ الْجِسْمَ يَقْبَل الإِنْقِسَامَ عَقْلاً، وَاللهُ لَيْسَ جِسْمًا. قَالَ تَعَالَى: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ [سُورَةَ الإِخْلاَص/ 1]. وَقَالَ تَعَالَى فِي ذَمِّ الْكُفَّارِ: ﴿وَجَعَلُواْ لَهُ مِنْ عِبَادِه ِجُزْءاً﴾ [سُورَةَ الزُّخْرُف/ 15]، وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو الْحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ فِي كِتَابِ النَّوَادِرِ: "مَنِ اعْتَقَدَ أَنَّ اللهَ جِسْمٌ فَهُوَ غَيْرُ عَارِفٍ بِرَبِّهِ وَإِنَّهُ كَافِرٌ بِهِ".
[ 11 ] ـ س : مَا مَعْنَى الأَوَّلِ وَالْقَديِمِ إِذَا أُطْلِقَا عَلَى اللهِ؟
ج : مَعْنَى الأَوَّلِ الَّذِي لاَ ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ فَهُوَ وَحْدَهُ الأَوَّلُ بِهَذَا الْمَعْنَى، قَالَ تَعَالَى ﴿هُوَ اْلأَوَّلُ وَاْلآخِرُ﴾ [سُورَةَ الْحَدِيد/ 3]، وَبِمَعْنَاهُ الْقَديِمُ إِذَا أُطْلِقَ عَلَى اللهِ تَعَالَى، وَأَجْمَعَتِ الأُمَّةُ عَلَى جَوَازِ إِطْلاَقِ الْقَديِمِ عَلَى اللهِ، قَالَ ذَلِكَ الزَّبِيدِيُّ فِي شَرْحِ إِحْيَاءِ عُلُومِ الدِّينِ.
[ 12 ] ـ س : مَا مَعْنَى الْحَيِّ فِي حَقِّ اللهِ؟
ج : مَعْنَى الْحَيِّ فِي حَقِّ اللهِ تَعَالَى أَنَّهُ مَوْصُوفٌ بِحَيَاةٍ أَزَلِيَّةٍ أَبَدِيَّةٍ لَيْسَتْ بِرُوحٍ وَلَحْمٍ وَدَمٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿اللهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ اْلقَيُّومُ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/ 255]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَتوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لاَ يَمُوتُ﴾ [سُورَةَ الْفُرْقَان/ 58].
[ 13 ] ـ س : مَا مَعْنَى الْقَيُّومِ فِي حَقِّ اللهِ؟
ج : قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الْقَيُّومُ هُوَ الدَّائِمُ الَّذِي لاَ يَزُولُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَيُّومُ أَيِ الْقَائِمُ بِنَفْسِهِ الَّذِي لاَ يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ.
[ 14 ] ـ س : مَا مَعْنَى الدَّائِمِ فِي حَقِّ اللهِ؟
ج : مَعْنَى الدَّائِمِ الَّذِي لاَ يَلْحَقُهُ فَنَاءٌ، وَالْفَنَاءُ مُسْتَحِيلٌ عَقْلاً فِي حَقِّ اللهِ، فَلاَ دَائِمَ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلاَّ اللهُ، وَلاَ شَرِيكَ للهِ تَعَالَى فِي الدَّيْمُومِيَّةِ لأَِنَّ اللهَ دَائِمٌ بِذَاتِهِ لاَ شَىْءَ غَيْرَهُ أَوْجَبَ لَهُ ذَلِكَ، وَأَمَّا دَيْمُومِيَّةُ غَيْرِهِ كَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ فِهِيَ لَيْسَتْ ذَاتِيَّةً بَلْ هُمَا شَاءَ اللهُ لَهُمَا الْبَقَاءَ .
[ 15 ] ـ س : مَا مَعْنَى الْخَالِقِ؟
ج : مَعْنَى الْخَالِقِ أَيِ الَّذِي أَبْدَعَ وَكَوَّنَ جَمِيعَ الْحَادِثَاتِ، أَيْ أَبْرَزَهَا مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، فَلاَ خَلْقَ بِهَذَا الْمَعْنَى إِلاَّ للهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اْللهِ﴾ [سُورَةَ فاطر/ 3]، أَيْ لاَ خَالِقَ إِلاَّ اللهُ.
[ 16 ] ـ س : مَا مَعْنَى الرَّازِقِ فِي حَقِّ اللهِ؟
ج : مَعْنَى الرَّازِقِ الَّذِي يُوصِلُ الأَرْزَاقَ إِلَى عِبَادِهِ، وَالرِّزْقُ هُوَ مَا يَنْفَعُ وَلَوْ كَانَ مُحَرَّمًا، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللهِ رِزْقُهَا﴾ [سُورَةَ هُود/ 6].
[ 17 ] ـ س : مَا مَعْنَى الْعَالِمِ فِي حَقِّ اللهِ؟
ج : مَعْنَى الْعَالِمِ أَنَّ اللهَ مَوْصُوفٌ بِعِلْمٍ أَزَلِيٍّ أَبَدَيٍّ لاَ يَتَغَيَّرُ، فَهُوَ عَالِمٌ بِكُلِ شَىْءٍ قَبْلَ حُصُولِهِ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾ [سُورَةَ الأَنْعَام/ 59].
[ 18 ] ـ س : مَا مَعْنَى الْقَدِيرِ فِي حَقِّ اللهِ؟
ج : مَعْنَى الْقَدِيرِ الْمُتَّصِفُ بِالْقُدْرَةِ، وَهِيَ صِفَةٌ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ يُؤَثِّرُ اللهُ بِهَا فِي الْمُمْكِنَاتِ أَيْ فِي كُلِّ مَا يَجُوزُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ وَعَدَمُهُ، فَقُدْرَةُ اللهِ لاَ تَتَعَلَّقُ بِالْوَاجِبِ الْوُجُودِ وَلاَ بِالْمُسْتَحِيلِ الْوُجُودِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان/ 29].
[ 19 ] ـ س : بَيِّنْ أَقْسَامَ الْحُكْمِ الْعَقْلِيِّ.
ج : الْحُكْمُ الْعَقْلِيُّ يَنْقَسِمُ إِلَى ثَلاَثَةٍ: الْوُجُوبِ وَالاِسْتِحَالَةِ وَالْجَوَازِ.
الْوَاجِبُ الْعَقْلِيُّ: مَا لاَ يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ عَدَمُهُ، وَهُوَ اللهُ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ.
وَالْمُسْتَحِيلُ الْعَقْلِيُّ: مَا لاَ يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ، كَوُجُودِ الشَّرِيكِ للهِ.
وَالْجَائِزُ الْعَقْلِيُّ: مَا يُتَصَوَّرُ فِي الْعَقْلِ وُجُودُهُ تَارَةً وَعَدَمُهُ تَارَةً أُخْرَى كَسَائِرِ الْمَخْلُوقَاتِ.
[ 20 ] ـ س : مَا مَعْنَى أَنَّ اللهَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ؟
ج : مَعْنَى الْفَعَّالِ لِمَا يُرِيدُ أَنَّ اللهَ قَادِرٌ عَلَى تَكْوِينِ مَا سَبَقَتْ بِهِ إِرَادَتُهُ، لاَ يُعْجِزُهُ عَنْ ذَلِكَ شَىْءٌ، وَلاَ يُمَانِعُهُ أَحَدٌ، وَلاَ يَحْتَاجُ إِلَى اسْتِعَانَةٍ بِغَيْرِهِ. قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَلَوْ شَاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/ 253]. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ﴾ [سُورَةَ هُود/ 107].
[ 21 ] ـ س : أَعْطِ شَرْحًا مُوجَزًا لِكَلِمَةِ: مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ.
ج : مَعْنَاهَا أَنَّ كُلَّ مَا أَرَادَ اللهُ وُجُودَهُ لاَ بُدَّ أَنْ يُوجَدَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي شَاءَ اللهُ وُجُودَهُ فِيهِ، سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ وَالطَّاعَةُ وَالْمَعْصِيَةُ وَالْكُفْرُ وَالإيِمَانُ، وَمَا لَمْ يُرِدِ اللهُ وُجُودَهُ لاَ يَدْخُلُ فِي الْوُجُودِ، فَلاَ يُوجَدُ وَلاَ يَكُونُ.
وَمَشِيئَةُ اللهِ أَزَلِيَّةٌ أَبَدِيَّةٌ لاَ تَتَغَيَّرُ، وَهَذَا اللَّفْظُ مَأْخُوذٌ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، رَوَى ذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَ بَعْضَ بَنَاتِهِ: "مَا شَاءَ اللهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ".
وَالْمَشِيئَةُ هِيَ: تَخْصِيصُ الْمُمْكِنِ بِبَعْضِ مَا يَجُوزُ عَلَيْهِ دُونَ بَعْضٍ.
[ 22 ] ـ س : مَا مَعْنَى: لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ؟
ج : مَعْنَى لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ: لاَ حَوْلَ عَنْ مَعْصِيَةِ اللهِ إِلاَّ بِعِصْمَةِ اللهِ وَلاَ قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ إِلاَّ بِعَوْنِ اللهِ، جَاءَ تَفْسِيرُهَا فِي حَدِيثٍ رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَغَّبَ فِيهِ.
[ 23 ] ـ س : اللهُ تَعَالَى مَوْصُوفٌ بِكُلِّ كَمَالٍ يَلِيقُ بِهِ، لِمَاذَا قُيِّدَتْ كَلِمَةُ "كَمَالٍ" بِعِبَارَةِ يَلِيقُ بِهِ؟
ج : إِنَّمَا قُيِّدَتْ هَذِهِ الْعِبَارَةُ بِلَفْظِ يَلِيقُ بِهِ لأَِنَّ الْكَمَالَ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَمَالاً فِي حَقِّ اللهِ وَفِي حَقِّ غَيْرِهِ كَالْعِلْمِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كَمَالاً فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَيْسَ كَمَالاً فِي حَقِّهِ كَالْوَصْفِ بِرَجَاحَةِ الْعَقْلِ، وَقَدْ يَكُونُ الْوَصْفُ مَدْحًا للهِ تَعَالَى وَذَمًّا فِي حَقِّ الإِنْسَانِ وَذَلِكَ كَالْوَصْفِ بِالْجَبَّارِ هُوَ مَدْحٌ فِي حَقِّ اللهِ وَذَمٌّ فِي حَقِّ الإِنْسَانِ، وَمَعْنَى الْجَبَّارِ إِذَا أُطْلِقَ عَلَى اللهِ الَّذِي لاَ تَنَالُهُ الأَيْدِي وَلاَ يَقَعُ فِي مِلْكِهِ غَيْرُ مَا أَرَادَ.
[ 24 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ تَنْزِيهِ اللهِ عَنِ النَّقَائِصِ.
ج : اللهُ تَعَالَى مُتَّصِفٌ بِكُلِّ كَمَالٍ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ كُلِّ نَقْصٍ أَيْ مَا لاَ يَلِيقُ بِهِ تَعَالَى كَالْجَهْلِ وَالْعَجْزِ وَالْمَكَانِ وَالْحَيِّزِ وَاللَّوْنِ وَالْحَدِّ، قَالَ الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 322هـ: "تَعَالَى- الله- عَنِ الْحُدُودِ وَالْغَايَاتِ وَالأَرْكَانِ وَالأَعْضَاءِ وَالأَدَوَاتِ، لاَ تَحْوِيهِ الْجِهَاتُ السِّتُّ كَسَائِرِ الْمُبْتَدَعَاتِ"، وَمَعْنَاهُ لاَ يَجُوزُ عَلَى اللهِ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا، فَإِذًا هُوَ مُنَزَّهٌ عَنْ أَنْ يَكُونَ جَالِسًا لأَِنَّ الْمُتَّصِفَ بِالْجُلُوسِ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا قَالَ الإِمَامُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْعَرْشَ إِظْهَارًا لِقُدْرَتِهِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ مَكَانًا لِذَاتِهِ". ذَكَرَهُ الإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ الْبَغْدَادِيُّ فِي كِتَابِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفِرَقِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ الإِجْمَاعَ عَلَى تَنْزِيهِ اللهِ عَنِ الْمَكَانِ وَالْحَدِّ.
[ 25 ] ـ س : مَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ [سُورَةَ الشُّورَى / 11]؟
ج : مَعْنَاهُ أَنَّ اللهَ لاَ يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَ اللَّطَائِفِ وَالْكَثَائِفِ وَالْعُلْوِيَّاتِ وَالسُّفْلِيَّاتِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ﴾ [سُورَةَ الإِخْلاَص/ 4]، أَيْ لاَ نَظِيرَ للهِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، قَالَ الإِمَامُ ذُو النُّونِ الْمِصْرِيُّ وَالإِمَامُ أَحْمَدُ رَحِمَهُمَا اللهُ: "مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبَالِكَ فَاللهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ"، وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي عَقِيدَتِهِ: "وَمَنْ وَصَفَ اللهَ بِمَعْنًى مِنْ مَعَانِي الْبَشَرِ فَقَدْ كَفَرَ".
[ 26 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ صِفَتَيِ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ للهِ تَعَالَى.
ج : قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [سُورَةَ الشُّورَى / 11] فَاللهُ تَعَالَى وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَأَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، نَفَى أَوَّلاً أَنْ يَكُونَ مُشَابِهًا لِلْحَوَادِثِ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، ثُمَّ وَصَفَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ سَمِيعٌ بَصِيرٌ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ سَمْعَ اللهِ لاَ يُشْبِهُ سَمْعَ الْمَخْلُوقَاتِ وَبَصَرَهُ لاَ يُشْبِهُ بَصَرَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ صِفَاتِ اللهِ لاَ تُشْبِهُ صِفَاتِ خَلْقِهِ، فَاللهُ تَعَالَى يَسْمَعُ كُلَّ الْمَسْمُوعَاتِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى أُذُنٍ أَوْ ءاَلَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَرَى كُلَّ الْمُبْصَرَاتِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى حَدَقَةٍ وَلاَ إِلَى شُعَاعِ ضَوْءٍ.
[ 27 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: فَهُوَ الْقَديِمُ وَمَا سِوَاهُ حَادِثٌ وَهُوَ الْخَالِقُ وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ.
ج : يَجِبُ الاِعْتِقَادُ أَنَّ اللهَ وَحْدَهُ الْقَديِمُ الَّذِي لاَ ابْتِدَاءَ لِوُجُودِهِ وَأَنَّ كُلَّ مَا سِوَاهُ حَادِثٌ، فَكُلُّ حَادِثٍ دَخَلَ فِي الْوُجُودِ مِنَ الأَعْيَانِ وَالأَعْمَالِ مِنَ الذَّرَّةِ إِلَى الْعَرْشِ وَمِنْ كُلِّ حَرَكَةٍ لِلْعِبَادِ وَسُكُونٍ وَالنَّوَايَا وَالْخَوَاطِرِ هُوَ بِخَلْقِ اللهِ لَمْ يَخْلُقْهُ أَحَدٌ سِوى اللهِ، لاَ طَبِيعَةٌ وَلاَ عِلَّةٌ، بَلْ دُخُولُهُ فِي الْوُجُودِ بِمَشِيئَةِ اللهِ وَقُدْرَتِهِ بِتَقْدِيرِهِ وَعِلْمِهِ الأَزَلِيِّ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ ﴾ [سُورَةَ الْفُرْقَان/ 2]. قَالَ الإِمَامُ النَّسَفِيُّ: "فَإِذَا ضَرَبَ إِنْسَانٌ زُجَاجًا بِحَجَرٍ فَكَسَرَهُ فَالضَّرْبُ وَالْكَسْرُ وَالاِنْكِسَارُ بِخَلْقِ اللهِ تَعَالَى".
[ 28 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ صِفَةِ الْكَلاَمِ للهِ تَعَالَى.
ج : قَالَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي كِتَابِهِ الْفِقْهِ الأَبْسَطِ: "وَيَتَكَلَّمُ لاَ كَكَلاَمِنَا، نَحْنُ نَتَكَلَّمُ بِالآلاَتِ مِنَ الْمَخَارِجِ وَالْحُرُوفِ وَاللهُ مُتَكَلِّمٌ بِلاَ ءَالَةٍ وَلاَ حَرْفٍ".
فَاللهُ تَعَالَى مُتَكَلِّمٌ بِكَلاَمٍ لاَ يُشْبِهُ كَلاَمَنَا، لَيْسَ لِكَلاَمِهِ ابْتِدَاءٌ وَلَيْسَ لَهُ انْتِهَاءٌ لاَ يَطْرَأُ عَلَيْهِ سُكُوتٌ أَوْ تَقَطُّعٌ لأَِنَّهُ لَيْسَ حَرْفًا وَلاَ صَوْتًا، وَإِنَّمَا هُوَ صِفَةٌ لَهُ تَعَالَى لاَ يُشْبِهُ كَلاَمَ الْمَخْلُوقِينَ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [سُورَةَ النِّسَاء/ 164].
[ 29 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: لأَِنَّهُ سُبْحَانَهُ مُبَايِنٌ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي الذَّاتِ وَالصِّفَاتِ وَالأَفْعَالِ.
ج : اللهُ تَعَالَى مُبَايِنٌ أَيْ غَيْرُ مُشَابِهٍ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقَاتِ فِي الذَّاتِ أَيْ ذَاتُهُ لاَ يُشْبِهُ ذَوَاتَ الْمَخْلُوقَاتِ، وَالصِّفَاتِ أَيْ صِفَاتُهُ لاَ تُشْبِهُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَالأَفْعَالِ أَيْ أَفْعَالُهُ لاَ تُشْبِهُ أَفْعَالَ الْمَخْلُوقَاتِ لأَِنَّ فِعْلَ اللهِ تَعَالَى أَزَلِيٌّ أَبَدِيٌّ وَالْمَفْعُولَ حَادِثٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَللهِ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾ [سُورَةَ النَّحْل/ 60]. أَيِ الْوَصْفِ الَّذِي لاَ يُشْبِهُ وَصْفَ غَيْرِهِ، وَقَالَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَالْبُخَارِيُّ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى: "فِعْلُهُ تَعَالَى صِفَةٌ لَهُ فِي الأَزَلِ وَالْمَفْعُولُ حَادِثٌ".
[ 30 ] ـ س : مَا مَعْنَى قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ عَنِ اللهِ: سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ؟
ج : مَعْنَى سُبْحَانَهُ تَنْزِيهًا، أَيْ تَنْزِيهُ اللهِ تَعَالَى، وَمَعْنَى تَعَالَى: تَنَزَّهَ، وَهُوَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مُتَعَالٍ أَيْ مُتَنَزِّهٌ عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ أَيِ الْكَافِرُونَ، لأَِنَّ الْكُفْرَ هُوَ أَعْلَى الظُّلْمِ وَأَكْبَرُهُ وَأَشَدُّهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/ 254].
[ 31 ] ـ س : قَالَ الْعُلَمَاءُ بِوُجُوبِ مَعْرِفَةِ ثَلاَثَ عَشْرَةَ صِفَةً للهِ تَعَالَى، مَا هِيَ هَذِهِ الصِّفَاتُ؟
ج : يَجِبُ وُجُوبًا عَيْنِيًّا مَعْرِفَةُ ثَلاَثَ عَشْرَةَ صِفَةً للهِ تَعَالَى تَكَرَّرَ ذِكْرُهَا فِي الْقُرْءَانِ إِمَّا لَفْظًا وَإِمَّا مَعْنًى كَثِيرًا وَهِيَ:
1- الْوُجُودُ 2- وَالْوَحْدَانِيَّةُ 3- وَالْقِدَمُ أَيِ الأَزَلِيَّةُ 4- وَالْبَقَاءُ 5- وَقِيَامُهُ بِنَفْسِهِ 6- وَالْقُدْرَةُ 7- وَالإِرَادَةُ 8- وَالْعِلْمُ 9- وَالسَّمْعُ 10- وَالْبَصَرُ 11- وَالْحَيَاةُ 12- وَالْكَلاَمُ 13- وَتَنَزُّهُهُ عَنِ الْمُشَابَهَةِ لِلْحَادِثِ.
[ 32 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ أَزَلِيَّةِ صِفَاتِ اللهِ تَعَالَى.
ج : لَمَّا ثَبَتَتِ الأَزَلِيَّةُ لِذَاتِ اللهِ تَعَالَى وَجَبَ أَنْ تَكُونَ صِفَاتُهُ أَزَلِيَّةً، لأَِنَّ مَنْ كَانَتْ صِفَاتُهُ حَادِثَةً فَذَاتُهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ حَادِثًا، قَالَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الْفِقْهِ الأَبْسَطِ: "فَصِفَاتُهُ غَيْرُ مَخْلُوقَةٍ وَلاَ مُحْدَثَةٍ، وَالتَّغَيُّرُ وَالاِخْتِلاَفُ فِي الأَحْوَالِ يَحْدُثُ فِي الْمَخْلُوقِينَ، وَمَنْ قَالَ إِنَّهَا مُحْدَثَةٌ أَوْ مَخْلُوقَةٌ أَوْ تَوَقَّفَ فِيهَا أَوْ شَكَّ فِيهَا فَهُوَ كَافِرٌ".
[ 33 ] ـ س : مَا مَعْنَى شَهَادِةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ؟
ج : وَمَعْنَى شَهَادَةِ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ: أَعْتَرِفُ بِلِسَانِي وَأُذْعِنُ بِقَلْبِي أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْسَلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ إِلَى كَافَّةِ الْعَالَمِينَ مِنْ إِنْسٍ وَجِنٍّ، صَادِقٌ فِي كُلِّ مَا يُبَلِّغُهُ عَنِ اللهِ تَعَالَى لِيُؤْمِنُوا بِشَرِيعَتِهِ وَيَتَّبِعُوهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا﴾ [سُورَةَ الْفُرْقَان/ 1].
[ 34 ] ـ س : اذْكُرْ بَعْضَ نَسَبِ النَّبِيِّ وَمِنْ أَيِّ قَبِيلَةٍ هُوَ؟ وَأَيْنَ وُلِدَ وَأَيْنَ مَاتَ وَدُفِنَ؟
ج : هُوَ مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللهِ بنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بنِ هَاشِمِ بنِ عَبْدِ مَنَافٍ الْقُرَشِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وُلِدَ بِمَكَّةَ فِي شَهْرِ رَبِيعٍ الأَوَّلِ فِي عَامِ الْفِيلِ، وَنَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ بِالنُّبُوَّةِ وَهُوَ فِيهَا وَكَانَ عُمُرُهُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَهَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ بَعْدَ نُزُولِ الْوَحْيِ بِثَلاَثَ عَشْرَةَ سَنَة، وَمَكَثَ فِيهَا عَشْرَ سِنِينَ، تُوُفِّيَ بَعْدَهَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدُفِنَ فِي الْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ فِي حُجْرَةِ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَيْ دُفِنَ حَيْثُ مَاتَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[ 35 ] ـ س : إِشْرَحْ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ فِي مَعْنَى الشَّهَادَةِ الثَّانِيَةِ: وَيَتَضَمَّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ صَادِقٌ فِي جَمِيعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ وَبَلَّغَهُ عَنِ اللهِ تَعَالَى.
ج : يَجِبُ الاِعْتِقَادُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَادِقٌ فِي جَمِيعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنِ اللهِ تَعَالَى، سَوَاءٌ كَانَ مِنْ أَخْبَارِ الأُمَمِ وَالأَنْبِيَاءِ وَبَدْءِ الْخَلْقِ أَوْ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ مِمَّا يَحْدُثُ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ، أَوْ مِنَ التَّحْلِيلِ أَوِ التَّحْريِمِ لِبَعْضِ أَفْعَالِ وَأَقْوَالِ الْعِبَادِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى﴾ [سُورَةَ النَّجْمِ/ 3 - 4].
[ 36 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ عَذَابِ الْقَبْرِ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِعَذَابِ الْقَبْرِ، فَالْكَافِرُ الْمُكَلَّفُ الَّذِي مَاتَ مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ مِنْ كُفْرِهِ يُعَذَّبُ فِي قَبْرِهِ، فَمِنْ ذَلِكَ عَرْضُ النَّارِ عَلَيْهِ كُلَّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ مَرَّةً أَوَّلَ النَّهَارِ وَمَرَّةً ءَاخِرَهُ، وَتَضْيِيقُ الْقَبْرِ عَلَيْهِ حَتَّى تَخْتَلِفَ أَضْلاَعُهُ، وَضَرْبُ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ لَهُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَ أُذُنَيْهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْعَذَابِ، وَكَذَلِكَ بَعْضُ عُصَاةِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ مَاتُوا مِنْ غَيْرِ تَوْبَةٍ يُعَذَّبُونَ فِي قُبُورِهِمْ عَذَابًا أَقَلَّ مِنْ عَذَابِ الْكُفَّارِ، فَيُصِيبُهُمْ مَثَلاً ضَغْطَةُ الْقَبْرِ وَالاِنْزِعَاجُ مِنْ ظُلْمَتِهِ وَوَحْشَتِهِ.
وَمَنْ أَنْكَرَ عَذَابَ الْقَبْرِ كَفَرَ. قَالَ تَعَالَى: ﴿النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ءَالَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ﴾ [سُورَةَ غَافِر/ 46]. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ وَتَوَلَّى عَنْهُ أَصْحَابُهُ إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ إِذَا انْصَرَفُوا أَتَاهُ مَلَكَانِ فَيُقْعِدَانِهِ فَيَقُولاَنِ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ؟ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَقُولُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فَيُقَالُ لَهُ: أُنْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ أَبْدَلَكَ اللهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا، وَأَمَّا الْكَافِرُ أَوِ الْمُنَافِقُ فَيَقُولُ: لاَ أَدْرِي كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ فِيهِ، فَيُقَالُ لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلاَّ الثَّقَلَيْنِ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
[ 37 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ نَعِيمِ الْقَبْرِ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِنَعِيمِ الْقَبْرِ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَ بِذَلِكَ وَمِنْهُ تَوْسِيعُ الْقَبْرِ سَبْعِينَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ذِرَاعًا لِلْمُؤْمِنِ التَّقِيِّ وَمَنْ شَاءَ اللهُ لَهُ مِنْ غَيْرِ الأَتْقِيَاءِ كَبَعْضِ الشُّهَدَاءِ مِمَّنْ نَالُوا الشَّهَادَةَ وَلَمْ يَكُونُوا أَتْقَيَاءَ، وَتَنْوِيرُهُ بِنُورٍ يُشْبِهُ نُورَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ كَشَمِّ رَائِحَةِ الْجَنَّةِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا قُبِرَ الْمَيِّتُ أَوِ الإِنْسَانُ أَتَاهُ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ يُقَالُ لأَِحَدِهِمَا مُنْكَرٌ وَلِلآخَرِ نَكِيرٌ فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ، فَهُوَ قَائِلٌ مَا كَانَ يَقُولُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا قَالَ: هُوَ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَيَقُولاَنِ لَهُ إِنْ كُنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّكَ لَتَقُولُ ذَلِكَ، ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ذِرَاعًا، وَيُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ، فَيُقَالُ لَهُ: نَمْ فَيَنَامُ كَنَوْمِ الْعَرُوسِ الَّذِي لاَ يُوقِظُهُ إِلاَّ أَحَبُّ أَهْلِهِ، حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ مِنْ مَضْجَعِهِ ذَلِكَ". رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ.
[ 38 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ سُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِسُؤَالِ الْمَلَكَيْنِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَهُوَ يَحْصُلُ لِلْمُؤْمِنِ وَالْكَافِرِ مِنْ أُمَّةِ الدَّعْوَةِ، ثُمَّ الْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ لاَ يَلْحَقُهُ فَزَعٌ وَلاَ انْزِعَاجٌ مِنْ سُؤَالِهِمَا لأَِنَّ اللهَ يُثَبِّتُ قَلْبَهُ فَلاَ يَرْتَاعُ مِنْ مَنْظَرِهِمَا الْمُخِيفِ، لأَِنَّهُمَا كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ، وَيُسْتَثْنَى مِنَ السُّؤَالِ الطِّفْلُ وَالشَّهِيدُ وَكَذَلِكَ الأَنْبِيَاءُ، وَالْمُرَادُ بِالطِّفْلِ: مَنْ مَاتَ دُونَ الْبُلُوغِ، وَبِالشَّهِيدِ شَهِيدُ الْمَعْرَكَةِ.
[ 39 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الْبَعْثِ.
ج : الْبَعْثُ هُوَ خُرُوجُ الْمَوْتَى مِنَ الْقُبُورِ بَعْدَ إِعَادَةِ الْجَسَدِ الَّذِي أَكَلَهُ التُّرَابُ إِنْ كَانَ مِنَ الأَجْسَادِ الَّتِي يَأْكُلُهَا التُّرَابُ وَهِيَ أَجْسَادُ غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ وَشُهَدَاءِ الْمَعْرَكَةِ، وَكَذَلِكَ بَعْضُ الأَوْلِيَاءِ لاَ يَأْكُلُ التُّرَابُ أَجْسَادَهُمْ. قَالَ تَعَالَى: ﴿وَأَنَّ السَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ لاَ رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ﴾ [سُورَةَ الْحَجّ/ 7].
[ 40 ] ـ س : مَا هُوَ الْحَشْرُ؟
ج : الْحَشْرُ هُوَ سَوْقُ مَنْ يَخْرُجُ مِنَ الْقُبُورِ إِلَى الْمَوْقِفِ، وَالنَّاسُ فِي الْحَشْرِ يَكُونُونَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَحْوَالٍ، فَقِسْمٌ مِنْهُمْ كَاسُونَ رَاكِبُونَ طَاعِمُونَ وَهُمُ الأَتْقِيَاءُ، وَقِسْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ وَهُمُ الْفَاسِقُونَ، وَقِسْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ يُجَرُّونَ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَهُمُ الْكُفَّارُ، فَالإِنْسُ يُحْشَرُونَ وَكَذَلِكَ الْجِنُّ وَالْوُحُوشُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَاتَّقُواْ اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/ 203] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ عُمْيًا وَبُكْمًا وَصُمًّا﴾ [سُورَةَ الإِسْرَاء/ 97] وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ﴾ [سُورَةَ التَّكْوِير/ 5].
[ 41 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
ج : الْقِيَامَةُ أَوَّلُهَا مِنْ خُرُوجِ النَّاسِ مِنْ قُبُورِهِمْ إِلَى اسْتِقْرَارِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِي الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ فِي النَّارِ، وَمِقْدَارُ الْقِيَامَةِ خَمْسُونَ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا نَعُدُّ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ﴾ [سُورَةَ الْمَعَارِج/ 4].
[ 42 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الْحِسَابِ.
ج : الْحِسَابُ هُوَ عَرْضُ أَعْمَالِ الْعِبَادِ عَلَيْهِمْ وَتَوْقِيفُهُمْ عَلَيْهَا بَعْدَ أَخْذِهِمْ كُتُبَهُمْ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَأْخُذُ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَيَأْخُذُ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهِ. وَهَذَا الْكِتَابُ هُوَ الْكِتَابُ الَّذِي كَتَبَهُ الْمَلَكَانِ رَقِيبٌ وَعَتِيدٌ فِي الدُّنْيَا، قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا﴾ [سُورَةَ الإِنْشِقَاق/ 7 - 12].
[ 43 ] ـ س : مَا مَعْنَى الثَّوَابِ وَالْعَذَابِ؟
ج : الثَّوَابُ هُوَ الْجَزَاءُ الَّذِي يُجَازَاهُ الْمُؤْمِنُ فِي الآخِرَةِ مِمَّا يَسُرُّهُ، وَأَمَّا الْعَذَابُ فَهُوَ مَا يَسُوءُ الْعَبْدَ ذَلِكَ الْيَوْم مِنْ دُخُولِ النَّارِ وَمَا دُونَ ذَلِكَ.
[ 43 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الْمِيزَانِ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِالْمِيزَانِ وَهُوَ جِرْمٌ كَبِيرٌ لَهُ قَصَبَةٌ وَكَفَّتَانِ يُوزَنُ عَلَيْهِ الأَعْمَالُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ﴾ [سُورَةَ الأَعْرَاف/ 8]. فَالْكَافِرُ لَيْسَ لَهُ حَسَنَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّمَا تُوضَعُ سِيِّئَاتُهُ فِي كَفَّةٍ مِنَ الْكَفَّتَيْنِ، وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَتُوضَعُ حَسَنَاتُهُ فِي كَفَّةٍ وَسَيِّئَاتُهُ فِي الْكَفَّةِ الأُخْرَى، فَإِنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ عَلَى سَيِّئَاتِهِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ غَيْرِ عَذَابٍ، وَإِنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ فَهُوَ تَحْتَ مَشِيئَةِ اللهِ إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ثُمَّ أَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ تَعَالَى: ﴿فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾ [سُورَةَ الْقَارِعَة/ 6- 9].
[ 45 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ النَّارِ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِالنَّارِ أَيْ جَهَنَّمَ وَبِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ الآنَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/ 24]، وَهِيَ أَقْوَى وَأَشَدُّ نَارٍ خَلَقَهَا اللهُ، وَمَرْكَزُهَا تَحْتَ الأَرْضِ السَّابِعَةِ، وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى مَا لاَ نِهَايَةَ لَهُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لاَ يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا﴾ [سُورَةَ الأَحْزَاب 64- 65].
[ 46 ] - س: تَكَلَّمْ عَنِ الصِّرَاطِ.
ج: الصِّرَاطُ هُوَ جِسْرٌ يُمَدُّ عَلَى ظَهْرِ جَهَنَّمَ يَرِدُهُ النَّاسُ، أَحَدُ طَرَفَيْهِ فِي الأَرْضِ الْمُبَدَّلَةِ وَالطَّرَفُ الآخَرُ فِيمَا يَلِي الْجَنَّةَ بَعْدَ النَّارِ، فَيَمُرُّ النَّاسَ فِيمَا يُحَاذِي الصِّرَاطَ.
وَالْمُؤْمِنُونَ حِينَئِذٍ قِسْمٌ مِنْهُمْ لاَ يَدُوسُونَ الصِّرَاطَ إِنَّمَا يَمُرُّونَ فِي هَوَائِهِ طَائِرِينَ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَدُوسُونَهُ، ثُمَّ هَؤُلاَءِ قِسْمٌ مِنْهُمْ يُوقَعُونَ فِيهَا، وَقِسْمٌ يُنْجِيهُمُ اللهُ فَيَخْلَصُونَ مِنْهَا. وَأَمَّا الْكُفَّارُ فَكُلُّهُمْ يَتَسَاقَطُونَ فِيهَا قَالَ تَعَالَى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا﴾ [سُورَةَ مَرْيَم/ 71]، وَالْوُرُودُ نَوْعَانِ: وُرُودُ مُرُورٍ فِي هَوَائِهَا، وَوُرُودُ دُخُولٍ.
[ 47 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الْحَوْضِ.
ج : الْحَوْضُ هُوَ مَكَانٌ أَعَدَّ اللهُ فِيهِ شَرَابًا لأَِهْلِ الْجَنَّةِ يَشْرَبُونَ مِنْهُ قَبْلَ دُخُولِ الْجَنَّةِ فَلاَ يُصِيبُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ظَمَأٌ، وَلِكُلِّ نَبِيٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللهِ حَوْضٌ تَشْرَبُ مِنْهُ أُمَّتُهُ، وَأَكْبَرُ الأَحْوَاضِ هُوَ حَوْضُ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ أَكْوَابٌ بِعَدَدِ نُجُومِ السَّمَاءِ، وَيَنْصَبُّ فِيهِ مِنْ مَاءِ الْجَنَّةِ.
[ 48 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الشَّفَاعَةِ.
ج : الشَّفَاعَةُ هِيَ طَلَبُ الْخَيْرِ مِنَ الْغَيْرِ لِلْغَيْرِ، وَالشَّفَاعَةُ تَكُونُ لِلْمُسْلِمِينَ فَقَطْ، فَالأَنْبِيَاءُ يَشْفَعُونَ وَكَذَلِكَ الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ وَالشُّهَدَاءُ وَالْمَلاَئِكَةُ. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "شَفَاعَتِي لأَِهْلِ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّتِي" رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ.
فَلاَ شَفَاعَةَ لِلْكُفَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلاَ يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى﴾ [سُورَةَ الأَنْبِيَاء/ 28].
[ 49 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الْجَنَّةِ.
ج : هِيَ دُارُ السَّلاَمُ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ الآنَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [سُورَةَ ءَالِ عِمْرَان/ 133]. وَهِيَ بَاقِيَةٌ إِلَى مَا لاَ نِهَايَةَ قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾ [سُورَةَ النِّسَاء/ 13]. وَأَكْثَرُ أَهْلِهَا مِنَ الْفُقَرَاءِ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمُ: "دَخَلْتُ الْجَنَّةَ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاء ..." الْحَدِيثَ. وَقَدْ أَعَدَّ اللهُ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ فِيهَا مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: "أَعْدَدْتُ لِعِبَادِيَ الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ"، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
[ 50 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ رُؤْيَةِ اللهِ تَعَالَى بِالْعَيْنِ فِي الآخِرَةِ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِأَنَّ اللهَ يُرَى فِي الآخِرَةِ، يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ وَهُمْ فِي الْجَنَّةِ بِأَعْيُنِ رُؤُوسِهِمْ بِلاَ كَيْفٍ وَلاَ مَكَانٍ وَلاَ جِهَةٍ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ [سُورَةَ الْقِيَامَة/ 22- 23]. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا تَرَوْنَ الْقَمَرَ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لاَ تُضَامُونَ فِي رُؤْيَتِهِ"، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَبَّهَ رُؤْيَتَنَا للهِ مِنْ حَيْثُ عَدَمُ الشَّكِّ بِرُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَلَمْ يُشَبِّهِ اللهَ تَعَالَى بِالْقَمَرِ. قَالَ الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي الْفِقْهِ الأَكْبَرِ: "وَاللهُ تَعَالَى يُرَى فِي الآخِرَةِ، يَرَاهُ الْمُؤْمِنُونَ وَهُمْ فِي الْجَنَّةِ بِأَعْيُنِ رُءُوسِهِمْ بِلاَ تَشْبِيهٍ وَلاَ كَيْفِيَّةٍ وَلاَ كَمِيَّةٍ وَلاَ يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ مَسَافَةٌ".
[ 51 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الإيِمَانِ بِالْمَلاَئِكَةِ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِالْمَلاَئِكَةِ أَيْ بِوُجُودِهِمْ وَأَنَّهُمْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ، لَيْسُوا ذُكُورًا وَلاَ إِنَاثًا لاَ يَأْكُلُونَ وَلاَ يَشْرَبُونَ وَلاَ يَنَامُونَ، لاَ يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُأْمَرُونَ، قَالَ تَعَالَى: ﴿عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [سُورَةَ التَّحْريِم/ 6]. وَالَّذِي يَقُولُ إِنَّ الْمَلاَئِكَةَ إِنَاثٌ حُكْمُهُ التَّكْفِيرُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلاَئِكَةَ تَسْمِيَةَ الأُنْثَى﴾ [سُورَةَ النَّجْم/ 27]، وَقَدْ يَتَشَكَّلُونَ بِصُوَرِ الرِّجَالِ مِنْ غَيْرِ ءَالَةِ الذُّكُورِيَّةِ.
[ 52 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الإيِمَانِ بِالرُّسُلِ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِرُسُلِ اللهِ أَيْ أَنْبِيَائِهِ مَنْ كَانَ رَسُولاً وَمَنْ لَمْ يَكُنْ رَسُولاً، وَأَوَّلُهُمْ ءَادَمُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَءَاخِرُهُمْ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ تَعَالَى: ﴿لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْ رُّسُلِهِ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/ 285].
[ 53 ] ـ س : مَا الْفَرْقُ بَيْنَ النَّبِيِّ غَيْرِ الرَّسُولِ وَالنَّبِيِّ الرَّسُولِ؟
ج : النَّبِيُّ غَيْرُ الرَّسُولِ هُوَ إِنْسَانٌ أُوحِيَ إِلَيْهِ لاَ بِشَرْعٍ جَدِيدٍ، بَلْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِاتِّبَاعِ شَرْعِ الرَّسُولِ الَّذِي قَبْلَهُ، وَالرَّسُولُ مَنْ أُوحِيَ إِلَيْهِ بِشَرْعٍ جَدِيدٍ، وَكِلاَهُمَا مَأْمُورٌ بِالتَّبْلِيغِ، قَالَ تَعَالَى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ﴾ [سُورَةَ الْبَقَرَة/ 213].
[ 54 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الإيِمَانِ بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِالْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ الْمُنْزَلَةِ عَلَى رُسُلِ اللهِ، وَهِيَ كَثِيرَةٌ أَشْهَرُهَا: الْقُرْءَانُ وَالتَّوْرَاةُ وَالإِنْجِيلُ وَالزَّبُورُ، وَعَدَدُ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ مِائَةٌ وَأَرْبَعَةٌ كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ الرَّمْلِيُّ فِي كِتَابِ نِهَايَةِ الْمُحْتَاجِ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ.
[ 55 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنِ الإيِمَانِ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ، أَيْ أَنَّ كُلَّ مَا دَخَلَ فِي الْوُجُودِ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ فَهُوَ بِتَقْدِيرِ اللهِ الأَزَلِيِّ، فَالْخَيْرُ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ بِتَقْدِيرِ اللهِ وَمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ، وَالشَّرُّ مِنْ أَعْمَالِ الْعِبَادِ بِتَقْدِيرِ اللهِ لاَ بِمَحَبَّتِهِ وَرِضَاهُ، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الإيِمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلاَئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[ 56 ] ـ س : تَكَلَّمْ عَنْ بَعْضِ مَا يَتَعَلَّقُ بِالإيِمَانِ بِرِسَالَةِ نَبِيِّنَا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ج : يَجِبُ الإيِمَانُ بِرِسَالَةِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِأَنَّهُ خَاتَمُ النَّبِيِّينَ أَيْ ءَاخِرُهُمْ، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ﴾ [سُورَةَ الأَحْزَاب/ 40]. وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَخُتِمَ بِيَ النَّبِيُّونَ" رَوَاهُ مُسْلِمٌ. وَيَجِبُ الإيِمَانُ بِأَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيِّدُ وَلَدِ ءَادَمَ أَجْمَعِينَ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ حَدِيثٍ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ : "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ ءَادَمَ يَو

 

 

 

 


الموضوع : كِتَابُ الْعَقِيدَةِ وَالرِّدَّةِ  المصدر : موقع قلوب العرب

lobnan ; توقيع العضو
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 

كِتَابُ الْعَقِيدَةِ وَالرِّدَّةِ

استعرض الموضوع التالي استعرض الموضوع السابق الرجوع الى أعلى الصفحة 
 
صفحة 1 من اصل 1

تذكر قول الله تعالى { مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ } سورة ق الآية 18
صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتدى العام :: قسم الدين ألاسلامي-
أهلا وسهلا بك يا |زائر| في الموقع العربي الاول للتعارف والصداقة والزواج
قوانين وشروط استخدام موقع قلوب العرب | دردشة وشات قلوب العرب | تابعو قلوب العرب على الفيس بوك | تابعوا قلوب العرب على تويتر | الاشتراك في قلوب العرب