وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ أَبْزَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَصْبَحَ قَالَ: "أَصْبَحْنَا عَلَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ وَكَلِمَةِ الإِخْلاَصِ، وَدِينِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَمِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنِيفًا مُسْلِمًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ". وَمَعْنَى فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ أَيْ مُقْتَضَى الْعَهْدِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ حِينَ يُصْبِحُ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ: أَعُوذُ بِاللهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ وَقَرَأَ ثَلاَثَ ءَايَاتٍ مِنْ سُورَةِ الْحَشْرِ وَكَلَّ اللهُ تَعَالَى بِهِ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ حَتَّى يُمْسِي، وَإِنْ مَاتَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مَاتَ شَهِيدًا، وَمَنْ قَالَهَا حِينَ يُمْسِي كَانَ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ".
وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ السُّنِّيِّ وَالْحَاكِمُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِفَاطِمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا: "مَا يَمْنَعُكِ أَنْ تَسْمَعِي مَا أُوصِيكِ بِهِ؟ تَقُولِينَ إِذَا أَصْبَحْتِ وَإِذَا أَمْسَيْتِ: يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ بِرَحْمَتِكَ أَسْتَغِيثُ أَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ وَلاَ تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ". هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ. الْقَيُّومُ مَعْنَاهُ الْمُدَبِّرُ لِجَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْقَائِمُ بِذَاتِهِ الْمُسْتَغْنِي عَنْ كُلِّ مَا سِوَاهُ.
وَرَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ قَالَ فِي كُلِّ يَوْمٍ حِينَ يُصْبِحُ وَحِينَ يُمْسِي: حَسْبِيَ اللهُ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ سَبْعَ مَرَّاتٍ كَفَاهُ اللهُ تَعَالَى مَا أَهَمَّهُ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ". حَسْبِيَ اللهُ مَعْنَاهُ اللهُ يَكْفِينِي مَا أَهَمَّنِي.
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي الأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَأَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَه فِي السُّنَنِ وَأَحْمَدُ وَغَيْرُهُمْ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ حِينَ يُمْسِي وَحِينَ يُصْبِحُ حَتَّى فَارَقَ الدُّنْيَا أَوْ حَتَّى مَاتَ: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعِافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي وَءَامِنْ رَوْعَاتِي، اللَّهُمَّ احْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ وَمِنْ خَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِعَظَمَتِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي". قَالَ جُبَيْرُ بنُ مُطْعِمٍ وَهُوَ أَحَدُ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ: هُوَ الْخَسْفُ. وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَءَامِنْ رَوْعَاتِي أَيِ اجْعَلْنِي فِي أَمْنٍ مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ، فَالرَّوْعُ شِدَّةُ الْخَوْفِ.
وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَالَ إِذَا أَمْسَى: أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى الْمُلْكُ للهِ، وَالْحَمْدُ للهِ، أَعُوذُ بِاللهِ الَّذِي يُمْسِكُ السَّمَاءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الأَرْضِ إِلاَّ بِإِذْنِهِ، مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَذَرَأَ وَبَرَأَ، مَنْ قَالَهُنَّ عُصِمَ مِنْ كُلِّ سَاحِرٍ وَكَاهِنٍ وَشَيْطَانٍ وَحَاسِدٍ". ذَرَأَ أَيْ خَلَقَ، وَبَرَأَ: خَلَقَ، وَمَعْنَى كَاهِنٍ الَّذِي يَتَعَاطَى الْكَهَانَةَ وَيُخْبِرُ عَنِ الْمُسْتَقْبَلِ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ
رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ عَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ أَنَّهُ جَعَلَ مَنْ يَرْقُبُ لَهُ طُلُوعَ الشَّمْسِ، فَلَمَّا أَخْبَرَتْهُ بِطُلُوعِهَا قَالَ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي وَهَبَ لَنَا هَذَا الْيَوْمَ وَأَقَالَنَا مِنْ عَثَرَاتِنَا". قَالَ الْحَافِظُ: هَذَا مَوْقُوفٌ صَحِيحٌ. مَنْ يَرْقُبُ لَهُ طُلُوعَ الشَّمْسِ أَيْ يَنْتَظِرُ طُلُوعَهَا، وَأَقَالَنَا مِنْ عَثَرَاتِنَا أَيْ أَنْهَضَنَا مِنْ سَقْطَتِنَا.
بَابُ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ عِنْدَ النَّوْمِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ مِنْ حَدِيثِ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ وَضَعَ يَدَهُ تَحْتَ خَدِّهِ ثُمَّ قَالَ: "اللَّهُمَّ بِاسْمِكَ أَمُوتُ وَأَحْيَا".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ عَنْ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ وَلِفَاطِمَةَ: "إِذَا أَوَيْتُمَا إِلَى فِرَاشِكُمَا أَوْ إِذَا أَخَذْتُمَا مَضَاجِعَكُمَا فَكَبِّرَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَسَبِّحَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ، وَاحْمَدَا ثَلاَثًا وَثَلاَثِينَ".
وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْبَدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الآيَتَانِ مِنْ ءَاخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ مَنْ قَرَأَ بِهِمَا فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ".
وَرَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا عَنِ الْبَرَاءِ بنِ عَازِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا أَتَيْتَ مَضْجَعَكَ فَتَوَضَّأْ وُضُوءَكَ لِلصَّلاَةِ ثُمَّ اضْطَجِعْ عَلَى شِقِّكَ الأَيْمَنِ وَقُلْ: "اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ نَفْسِي إِلَيْكَ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، ءَامَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ، فَإِنْ مِتَّ مِتَّ عَلَى الْفِطْرَةِ، وَاجْعَلْهُنَّ ءَاخِرَ مَا تَقُولُ". وَفَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ أَيْ سَلَّمْتُكَ أَمْرِي، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِي إِلَيْكَ أَيْ أَنْتَ الَّذِي يُعِينُنِي وَيَنْصُرُنِي، اعْتَصَمْتُ بِكَ، لاَ مَنْجَى مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ أَيْ لاَ مَفَرَّ مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ، لِلرُّجُوعِ إِلَى طَاعَتِكَ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه فِي السُّنَنِ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شَىءٍ، فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى، مُنْزِلَ التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالْقُرْءَانِ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي شَرٍّ أَنْتَ ءَاخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ، أَنْتَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَكَ شَىءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَىءٌ، اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الْفَقْرِ". قَالَ الْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ: "وَاسْتَدَلَّ بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَلَى نَفْيِ الْمَكَانِ عَنِ اللهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ" وَأَوْرَدَ هَذَا الْحَدِيثَ ثُمَّ قَالَ: "وَمَنْ لَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ شَىءٌ وَلاَ بَعْدَهُ شَىءٌ لَمْ يَكُنْ فِي مَكَانٍ" مَعْنَاهُ اللهُ مَوْجُودٌ بِلاَ مَكَانٍ. فَالِقَ الْحَبِّ وَالنَّوَى أَيْ شَاقَّ الْحَبِّ عَنِ النَّبَاتِ وَالنَّوَى عَنِ النَّخْلِ، أَنْتَ الأَوَّلُ أَيِ السَّابِقُ لِجَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ، وَأَنْتَ الآخِرُ أَيِ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ الْمَوْجُودَاتِ، الظَّاهِرُ أَيْ بِوُجُودِهِ وَمَصْنُوعَاتِهِ وَتَدْبِيرِهِ، كُلُّ شَىءٍ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِهِ، والْبَاطِنُ أَيْ لاَ تُدْرِكُهُ الْعُقُولُ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ وَالْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا أَوَى أَحَدُكُمْ إِلَى فِرَاشِهِ فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ بِدَاخِلِةِ إِزَارِهِ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي مَا خَلَفَهُ عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ: بِاسْمِكَ رَبِّي وَضَعْتُ جَنْبِي وَبِكَ أَرْفَعُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا بِمَا تَحْفَظُ بِهِ عِبَادَكَ الصَّالِحِينَ". فَلْيَنْفُضْ فِرَاشَهُ أَيْ يُحَرِّكْهُ لِيُنْفَضَ لِيَزُولَ عَنْهُ الْغُبَارُ وَنَحْوُهُ، إِنْ أَمْسَكْتَ نَفْسِي فَارْحَمْهَا وَإِنْ أَرْسَلْتَهَا فَاحْفَظْهَا مَعْنَاهُ فَوَّضْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، إِنْ تَوَفَّيْتَنِي فَارْحَمْنِي وَإِنْ أَبْقَيْتَنِي حَيًّا فَارْحَمْنِي.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَالطَّبَرَانِيُّ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِي زُهَيْرٍ الأَنْمَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: "بِسْمِ اللهِ وَضَعْتُ جَنْبِي، اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبِي، وَأَخْسِىءْ شَيْطَانِي، وَفُكَّ رِهَانِي، وَاجْعَلْنِي فِي النَّدِيِّ الأَعْلَى". وَفِي رِوَايَةٍ: "وَاجْعَلْنِي فِي الْمَلإِ الأَعْلَى". وَقَالَ الْحَاكِمُ: هذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الإِسْنَادِ. وَأَخْسِىءْ شَيْطَانِي أَيِ اجْعَلْهُ مَهْزُومًا، وَفُكَّ رِهَانِي أَيْ سَلِّمْنِي مِنَ الْعُقُوبَةِ، وَمَعْنَى الْمَلإِ الأَعْلَى الْمَلاَئِكَةُ فِي السَّمَاءِ.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ فِي السُّنَنِ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ: "الْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَءَاوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لاَ كَافِيَ لَهُ وَلاَ مُؤْوِي". كَفَانا أَيْ يَسَّرَ لَنَا الرِّزْقَ وَءَاوَانَا مَعْنَاهُ جَعَلَ لَنَا مَأْوَى.
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَأَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدُّعَاءِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ أَمَرَ رَجُلاً إِذَا أَخَذَ مَضْجَعَهُ أَنْ يَقُولَ: "اللَّهُمَّ أَنْتَ خَلَقْتَ نَفْسِي وَأَنْتَ تَتَوَفَّاهَا، لَكَ مَمَاتُهَا وَمَحْيَاهَا، إِنْ أَحْيَيْتَهَا فَاحْفَظْهَا، وَإِنْ أَمَتَّهَا فَاغْفِرْ لَهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَافِيَةَ".
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَنْ نَوْفَلٍ الأَشْجَعِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِقْرَأْ: قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. ثُمَّ نَمْ عَلَى خَاتِمَتِهَا فَإِنَّهَا بَرَاءَةٌ مِنَ الشِّرْكِ".
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ كُلَّ لَيْلَةٍ جَمَعَ كَفَّيْهِ ثُمَّ نَفَثَ فِيهِمَا وَقَرَأَ فِيهِمَا: ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾، وَ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ﴾، وَ: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ﴾. ثُمَّ مَسَحَ بِهِمَا مَا اسْتَطَاعَ مِنْ جَسَدِهِ يَبْدَأُ بِهِمَا عَلَى رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ وَمَا أَقْبَلَ مِنْ جَسَدِهِ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. النَّفَثُ شَبِيهٌ بِالنَّفْخِ لَيْسَ مَعَهُ رِيقٌ، وَهُوَ أَقَلُّ مِنَ التَّفْلِ أَمَّا التَّفْلُ مَعَهُ رِيقٌ.
بَابُ مَا يَقُولُ إِذَا تَعَارَّ مِنْ فِرَاشِهِ
رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَه فِي السُّنَنِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّعَوَاتِ وَغَيْرُهُمْ عَنْ عُبَادَةَ بنِ الصَّامِتِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ: لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَىءٍ قَدِيرٌ، وَالْحَمْدُ للهِ، وَسُبْحَانَ اللهِ، وَلاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، فَإِنْ تَوَضَّأَ قُبِلَتْ صَلاَتُهُ". تَعَارَّ: بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ أَيِ اسْتَيْقَظَ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ وَالنَّسَائِيُّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي، وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا وَلاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ". لاَ تُزِغْ قَلْبِي أَيْ لاَ تُمِلْهُ عَنِ الْحَقِّ وَالْهُدَى.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ وَابْنُ السُّنِّيِّ فِي عَمَلِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ وَالْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ عَائِشَةَ أَيْضًا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: "لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ، رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْقَهَّارُ". قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ أَيِ اسْتَيْقَظَ بِاللَّيْلِ عِنْدَ تَقَلُّبِهِ. الْعَزِيزُ هُوَ الْقَوِيُّ الَّذِي لاَ يُغْلَبُ وَالْقَهَّارُ مَعْنَاهُ الَّذِي قَهَرَ الْمَخْلُوقَاتِ بِالْمَوْتِ.
الموضوع : فِطْرَةِ الإِسْلاَمِ وَكَلِمَةِ الإِخْلاَصِ المصدر : موقع قلوب العرب