الطَّهَارَةُ وَالصَّلاةُ
(الطَّهَارَةُ) هِيَ فِعْلُ مَا تُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلاةُ مِنْ وُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَتَيَمُّمٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ (وَالصَّلاةُ) أَقْوَالٌ وَأَفْعَالٌ مُفْتَتَحَةٌ بِالتَّكْبِيرِ مُخْتَتَمَةٌ
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ الصَّلَوَاتِ الْوَاجِبَةِ وَمَوَاقِيتِهَا (فَمِنَ الْوَاجِبِ) عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ (خَمْسُ صَلَوَاتٍ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ) فَلا صَلاةَ وَاجِبَةٌ غَيْرُ هَؤُلاءِ الْخَمْسِ فَيُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْوِتْرَ غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَأَنَّ مَنْ تَرَكَ نَوَافِلَ الصَّلَوَاتِ كَسُنَّةِ الظُّهْرِ وَغَيْرِهَا فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَهَذِهِ الْفُرُوضُ تَجِبُ بِدُخُولِ أَوْقَاتِهَا وَلِذَلِكَ بَدَأَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي بَيَانِهَا فَقَالَ (الظُّهْرُ وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ) أَيْ مَالَتْ عَنْ وَسَطِ السَّمَاءِ وَيَمْتَدُّ وَقْتُهَا (إِلَى مَصِيرِ) أَيْ إِلَى أَنْ يَصِيرَ (ظِلُّ كُلِّ شَىْءٍ مِثْلَهُ غَيْرَ ظِلِّ الاِسْتِوَاءِ) وَهُوَ ظِلُّ الشَّىْءِ حِينَ تَكُونُ الشَّمْسُ فِي وَسَطِ السَّمَاءِ (وَالْعَصْرُ وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الظُّهْرِ) بِلا فَاصِلٍ بَيْنَهُمَا وَيَمْتَدُّ (إِلَى مَغِيبِ) كَامِلِ قُرْصِ (الشَّمْسِ وَالْمَغْرِبُ وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ مَغِيبِ الشَّمْسِ) وَيَمْتَدُّ (إِلَى مَغِيبِ الشَّفَقِ الأَحْمَرِ) وَهُوَ حُمْرَةٌ تَظْهَرُ بَعْدَ مَغِيبِ الشَّمْسِ فِي جِهَةِ الْغُرُوبِ (وَالْعِشَاءُ وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الْمَغْرِبِ) وَيَمْتَدُّ (إِلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ الصَّادِقِ) وَهُوَ الْبَيَاضُ الْمُعْتَرِضُ فِي الأُفُقِ الشَّرْقِيِّ الَّذِي يَبْدُو دَقِيقًا ثُمَّ يَنْتَشِرُ وَيَتَوَسَّعُ (وَالصُّبْحُ وَ) يَدْخُلُ (وَقْتُهَا مِنْ بَعْدِ وَقْتِ الْعِشَاءِ) وَيَمْتَدُّ (إِلَى طُلُوعِ) أَوَّلِ جُزْءٍ مِنَ (الشَّمْسِ فَتَجِبُ هَذِهِ الْفُرُوضُ فِي أَوْقَاتِهَا عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) وَأَمَّا الْكَافِرُ فَلا يُقَالُ لَهُ صَلِّ وَهُوَ عَلَى كُفْرِهِ بَلْ يُؤْمَرُ بِالصَّلاةِ بَعْدَ إِسْلامِهِ (بَالِغٍ عَاقِلٍ) فَلا تَجِبُ الصَّلاةُ عَلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ (طَاهِرٍ أَيْ غَيْرِ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ فَيَحْرُمُ) عَلَى مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الصَّلاةُ (تَقْدِيمُهَا عَلَى وَقْتِهَا) لِغَيْرِ عُذْرٍ فَمَنْ قَدَّمَهَا عَلَى وَقْتِهَا لا تَصِحُّ صَلاتُهُ (وَ) يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَيْضًا (تَأْخِيرُهَا عَنْهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ) فَمَنْ أَخَرَّهَا عَصَى اللَّهَ بِتَأْخِيرِهِ مَعَ صِحَّةِ صَلاتِهِ وَأَمَّا إِذَا أَخَرَّهَا لِعُذْرٍ كَسَفَرٍ وَنَحْوِهِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ (فَإِنْ طَرَأَ مَانِعٌ) يَمْنَعُ مِنْ صِحَّةِ الصَّلاةِ (كَحَيْضٍ) أَوْ جُنُونٍ وَكَانَ طُرُوؤُهُ (بَعْدَمَا مَضَى مِنْ) أَوَّلِ (وَقْتِهَا مَا يَسَعُهَا) أَيْ مَا يَسَعُ الصَّلاةَ فَقَطْ إِذَا كَانَ يُمْكِنُهُ تَقْدِيمُ طُهْرِهِ عَلَى الْوَقْتِ أَوْ مَا يَسَعُهَا (وَطُهْرَهَا) إِذَا كَانَ لا يُمْكِنُهُ تَقْدِيمُ طُهْرِهِ عَلَى الْوَقْتِ (لِنَحْوِ سَلِسٍ) وَمُسْتَحَاضَةٍ (لَزِمَهُ قَضَاؤُهَا) بَعْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ (أَوْ زَالَ الْمَانِعُ وَقَدْ بَقِيَ مِنَ الْوَقْتِ قَدْرُ تَكْبِيرَةٍ) أَيْ قَدْرُ مَا يَسَعُ تَكْبِيرَةَ الإِحْرَامِ (لَزِمَتْهُ وَكَذَا مَا قَبْلَهَا إِنْ جُمِعَتْ مَعَهَا) أَيْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ تِلْكَ الصَّلاةُ وَالَّتِي قَبْلَهَا إِنْ كَانَتْ تُجْمَعُ مَعَهَا فِي السَّفَرِ وَنَحْوِهِ (فَيَجِبُ الْعَصْرُ مَعَ الظُّهْرِ) لأَنَّهَا تُجْمَعُ مَعَهَا (إِنْ زَالَ الْمَانِعُ) كَحَيْضٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَ) تَجِبُ (الْعِشَاءُ مَعَ الْمَغْرِبِ) لأَنَّهَا تُجْمَعُ مَعَهَا أَيْضًا (بِإِدْرَاكِ قَدْرِ تَكْبِيرَةٍ قَبْلَ الْفَجْرِ) أَيْ بِزَوَالِ الْمَانِعِ قَبْلَ دُخُولِ الْفَجْرِ بِقَدْرِ تَكْبِيرَةٍ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يَجِبُ عَلَى أَوْلِيَاءِ الصِّبْيَانِ وَالصَّبِيَّاتِ (يَجِبُ) وُجُوبًا كِفَائِيًّا (عَلَى وَلِيِّ الصَّبِيِّ وَالصَّبِيَّةِ الْمُمَيِّزَيْنِ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِالصَّلاةِ) وَلَوْ قَضَاءً وَالْمُمَيِّزُ هُوَ الَّذِي يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ (وَ) أَنْ (يُعَلِّمَهُمَا أَحْكَامَهَا بَعْدَ) تَمَامِ (سَبْعِ سِنِينَ قَمَرِيَّةٍ) وَيَكُونُ الأَمْرُ بِالصَّلاةِ بِتَشْدِيدٍ وَلَيْسَ بِطَرِيقَةٍ لا تُشْعِرُهُمَا بِأَهَمِيَّةِ أَدَاءِ فَرَائِضِ الصَّلَوَاتِ (وَ) يَجِبُ عَلَى الْوَلِيِّ أَنْ (يَضْرِبَهُمَا) ضَرْبًا غَيْرَ مُؤَدٍّ إِلَى الْهَلاكِ (عَلَى تَرْكِهَا بَعْدَ) تَمَامِ (عَشْرِ سِنِينَ) قَمَرِيَّةٍ وَقَوْلُهُ (كَصَوْمٍ أَطَاقَاهُ) مَعْنَاهُ يَجِبُ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِالصِّيَامِ وَيَضَرْبَهُمَا عَلَى تَرْكِهِ كَالصَّلاةِ إِنْ كَانَا يُطِيقَانِهِ (وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا تَعْلِيمُهُمَا) مَا يَجِبُ عَلَيْهِمَا بَعْدَ الْبُلُوغِ مِنْ أُمُورِ الدِّينِ الضَّرُورِيَّةِ (مِنْ) أُصُولِ (الْعَقَائِدِ) كَوُجُودِ اللَّهِ وَوَحْدَانِيَّتِهِ وَأَنَّهُ لا يُشْبِهُ شَيْئًا مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ صَادِقٌ فِي كُلِّ مَا جَاءَ بِهِ عَنِ اللَّهِ وَأَنَّهُ خَاتَمُ الأَنْبِيَاءِ وَأَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ عَلَيْهِ الْقُرْءَانَ وَأَنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً وَأَنَّهُ أَعَدَّ الْجَنَّةَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالنَّارَ لِلْكَافِرِينَ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا تَعْلِيمُهُمَا مِنَ (الأَحْكَامِ) الضَّرُورِيَّةِ (يَجِبُ كَذَا وَيَحْرُمُ كَذَا) فَيُعَلِّمُهُمْ حُرْمَةَ السَّرِقَةِ وَالْكَذِبِ وَلَوْ مَزْحًا وَالزِّنَى وَالْغِيبَةِ وَضَرْبِ الْمُسْلِمِ ظُلْمًا وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الأُمُورِ الظَّاهِرَةِ (وَ) يُعَلِّمُهُمْ (مَشْرُوعِيَّةَ السِّوَاكِ وَالْجَمَاعَةِ) أَيْ أَنَّ اسْتِعْمَالَ السِّوَاكِ سُنَّةٌ وَأَنَّ الشَّرْعَ أَمَرَ بِصَلاةِ الْجَمَاعَةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ (وَيَجِبُ عَلَى وُلاةِ الأَمْرِ) الْخَلِيفَةِ أَوْ نَائِبِهِ (قَتْلُ تَارِكِ الصَّلاةِ كَسَلاً) بَعْدَ إِنْذَارِهِ (إِنْ لَمْ يَتُبْ) فَإِنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ يُقْتَلَ تُرِكَ مِنَ الْقَتْلِ، وَقَتْلُهُ يَكُونُ تَطْهِيرًا لَهُ مِنْ مَعْصِيَتِهِ (وَحُكُمُهُ أَنَّهُ مُسْلِمٌ) فَيُجْرَى عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الْغَسْلِ وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلاةِ عَلَيْهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) وُجُوبًا كِفَائِيًّا (أَمْرُ أَهْلِهِ) أَيْ زَوْجَتِهِ وَأَوْلادِهِ وَنَحْوِهِمْ (بِالصَّلاةِ) بَعْدَ أَنْ يُعَلِّمَهُمْ أَحْكَامَهَا أَوْ يُهَيِّئَ لَهُمْ مَنْ يُعَلِّمُهُمْ (وَ) يَجِبُ أَمْرُ (كُلِّ مَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِهِمْ) بِالصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الْوُضُوءِ (وَمِنْ شُرُوطِ) صِحَّةِ (الصَّلاةِ الْوُضُوءُ) وَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ فِي أَعْضَاءٍ مَخْصُوصَةٍ مُفْتَتَحًا بِالنِّيَّةِ (وَفُرُوضُهُ) أَيْ أَرْكَانُهُ (سِتَّةٌ الأَوَّلُ نِيَّةُ الطَّهَارَةِ لِلصَّلاةِ) بِالْقَلْبِ (أَوْ غَيْرُهَا مِنَ النِّيَّاتِ الْمُجْزِئَةِ) كَأَنْ يَنْوِيَ الْوُضُوءَ أَوْ فَرْضَ الْوُضُوءِ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ (عِنْدَ غَسْلِ) أَوَّلِ جُزْءٍ مِنَ (الْوَجْهِ أَيْ مُقْتَرِنَةً بِغَسْلِهِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَتَكْفِي النِّيَّةُ إِنْ تَقَدَّمَتْ عَلَى غَسْلِ الْوَجْهِ بِقَلِيلٍ عِنْدَ مَالِكِ) بنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَمَّا الرُّكْنُ (الثَّانِي) فَهُوَ (غَسْلُ الْوَجْهِ جَمِيعِهِ) مَرَّةً وَاحِدَةً وَحَدُّ الْوَجْهِ طُولا (مِنْ مَنَابِتِ شَعْرِ رَأْسِهِ) عِنْدَ غَالِبِ النَّاسِ (إِلَى الذَّقَنِ) وَهُوَ مُجْتَمَعُ اللَّحْيَيْنِ (وَ) عَرْضًا (مِنْ) وَتِدِ (الأُذُنِ إِلَى) وَتِدِ (الأُذُنِ) فَكُلُّ مَا كَانَ ضِمْنَ حَدِّ الْوَجْهِ يَجِبُ غَسْلُهُ (شَعْرًا وَبَشَرًا) وَالْمُرَادُ بِالْبَشَرِ الْجِلْدُ لَكِنْ (لا) يَجِبُ غَسْلُ (بَاطِنِ لِحْيَةِ الرَّجُلِ وَعَارِضَيْهِ إِذَا كَثُفَا) وَاللِّحْيَةُ هِيَ الشَّعَرُ النَّابِتُ عَلَى الذَّقَنِ وَأَمَّا الْعَارِضَانِ فَهُمَا الشَّعَرُ النَّابِتُ عَلَى اللَّحْيَيْنِ وَهُمَا الْعَظْمَانِ اللَّذَانِ تَنْبُتُ عَلَيْهِمَا الأَسْنَانُ السُّفْلى وَالكَثِيْفُ هُوَ مَا لا تُرَى الْبَشَرَةُ مِنْ خِلالِهِ وَأَمَّا الرُّكْنُ (الثَّالِثُ) فَهُوَ (غَسْلُ الْيَدَيْنِ) مَرَّةً واحِدَةً مِنْ رُؤُوسِ الأَصَابِعِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ أَيْ (مَعَ الْمِرْفَقَيْنِ) وَالْمِرْفَقُ هُوَ مُجْتَمَعُ السَّاعِدِ وَالْعَضُدِ (وَمَا عَلَيْهِمَا) مِنْ شَعَرٍ وَلَوْ كَثُفَ وَظُفْرٍ وَشُقُوقٍ وَالرُّكْنُ (الرَّابِعُ مَسْحُ الرَّأْسِ أَوْ بَعْضِهِ) مَرَّةً وَاحِدَةً (وَلَوْ) كَانَ الْمَمْسُوحُ (شَعْرَةً) أَوْ بَعْضَ شَعْرَةٍ أَوْ جُزْءًا مِنَ الرَّأْسِ لا شَعَرَ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا يُجْزِئُ مَسْحُ بَعْضِ الشَّعْرَةِ إِذَا كَانَ (فِي حَدِّهِ) بِحَيْثُ لا يَخْرُجُ الْقَدْرُ الْمَمْسُوحُ عَنِ حَدِّ الرَّأْسِ عِنْدَ مَدِّهِ لِجِهَةِ نُزُولِهِ وَأَمَّا الرُّكْنُ (الْخَامِسُ) فَهُوَ (غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ) وَمَا عَلَيْهِمَا (مَعَ الْكَعْبَيْنِ) مَرَّةً وَاحِدَةً وَالْكَعْبَانِ هُمَا الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ جَانِبَيِ الْقَدَمِ وَهَذَا فِي غَيْرِ لابِسِ الْخُفِّ أَمَّا لابِسُ الْخُفِّ فَالْوَاجِبُ فِي حَقِّهِ إِمَّا غَسْلُ الرِّجْلَيْنِ (أَوْ مَسْحُ الْخُفِّ إِذَا كَمَلَتْ شُرُوطُهُ) وَهِيَ أَنْ يَكُونَ الْخُفُّ طَاهِرًا، سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْقَدَمِ، يُمْكِنُ الْمَشْيُ عَلَيْهِ بِلا نَعْلٍ لِحَاجَاتِ الْمُسَافِرِ عِنْدَ الْحَطِّ لِلاِسْتِرَاحَةِ وَالتَّرْحَالِ مُتَابَعَةً لِلسَّفَرِ، وَأَنْ يَبْتَدِئَ لُبْسَهُما بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ، وَأَنْ يَكُونَ الْخُفُّ مَانِعًا لِنُفُوذِ الْمَاءِ. وَأَمَّا الرُّكْنُ (السَّادِسُ) فَهُوَ (التَّرْتِيبُ هَكَذَا) أَيْ عَلَى النَّحْوِ الْمَذْكُورِ.
(فَصْلٌ) فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ (وَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ) أَرْبَعَةُ أَشْيَاءَ الأَوَّلُ (مَا خَرَجَ مِنَ السَّبِيلَيْنِ) وَهُمَا الْقُبُلُ وَالدُّبُرُ سَوَاءٌ كَانَ مُعْتَادًا أَوْ غَيْرَ مُعْتَادٍ (غَيْرَ الْمَنِيِّ) فَإِنَّ خُرُوجَهُ يُوجِبُ الْغُسْلَ وَلا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ عِنْدَ الإِمَامِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (وَ) الثَّانِي (مَسُّ قُبُلِ الآدَمِيِّ) بِلا حَائِلٍ (أَوْ) مَسُّ (حَلْقَةِ دُبُرِهِ) أَيْ مُلْتَقَى الْمَنْفَذِ فَقَطْ فَلا يَنْقُضُ مَسُّ الأَلْيَةِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ الْمَسُّ نَاقِضًا إِذَا كَانَ (بِبَطْنِ الْكَفِّ) وَهُوَ مَا يَسْتَتِرُ عِنْدَ إِطْبَاقِ الْكَفَّيْنِ مَعَ تَحَامُلٍ يَسِيرٍ وَتَفْرِيقِ الأَصَابِعِ (بِلا حَائِلٍ) فَلاَ يَنْقُضُ اللَّمْسُ بِحَائِلٍ (وَ) الثَّالِثُ (لَمْسُ) الرَّجُلِ (بَشَرَةَ) الأُنْثَى (الأَجْنَبِيَّةِ الَّتِي تُشْتَهَى) فَإِنْ لَمَسَ رَجُلٌ بَشَرَةَ بِنْتٍ لا تُشْتَهَى أَوْ بَشَرَةَ امْرَأَةٍ بحَائِلٍ أَوْ لَمَسَ غَيْرَ الْبَشَرَةِ مِنْهَا كَشَعَرِهَا لَمْ يَنْتَقِضْ وُضُوؤُهُ (وَ) الرَّابِعُ (زَوَالُ الْعَقْلِ) أَيِ التَّمْيِيزِ بِنَحْوِ جُنُونٍ أَوْ نَوْمٍ (لا نَوْمَ قَاعِدٍ مُمَكِّنٍ مَقْعَدَتَهُ) مِنْ مَقَرِّهِ كَأَرْضٍ وَظَهْرِ دَابَّةٍ فَإِنَّهُ لا يَنْقُضُ لِلأَمْنِ مِنْ خُرُوجِ الرِّيحِ وَغَيْرِهِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الاِسْتِنْجَاءِ (يَجِبُ الاِسْتِنْجَاءُ) عِنْدَ إِرَادَةِ الْقِيَامِ إِلَى الصَّلاةِ (مِنْ كُلِّ رَطْبٍ) مُلَّوِثٍ لِلْمَخْرَجِ (خَارِجٍ مِنْ أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ) الْقُبُلِ أَوِ الدُّبُرِ (غَيْرِ الْمَنِّيِ) فَلا يَجِبُ الاِسْتِنْجَاءُ مِنْهُ لِطَهَارَتِهِ (بِالْمَاءِ) الطَّهُورِ (إِلَى أَنْ يَطْهُرَ الْمَحَلُّ) بِزَوَالِ جِرْمِ النَّجَاسَةِ وَأَوْصَافِهَا (أَوْ بِمَسْحِهِ ثَلاثَ مَسَحَاتٍ أَوْ أَكْثَرَ إِلَى أَنْ يَنْقَى الْمَحَلُّ وَإِنْ بَقِيَ الأَثَرُ) الَّذِي يُمْكِنُ إِزَالَتُهُ بِالْمَاءِ فَإنَّهُ يُعْفَى عَنْهُ وَيَكُونُ الْمَسْحُ (بِقَالِعٍ) فَلا يَكْفِي غَيْرُ الْقَالِعِ كَالزُّجَاجِ لِمَلاسَتِهِ (طَاهِرٍ) فَلاَ يَكْفِي النَّجِسُ كَجِلْدِ مَيْتَةٍ وَلا الْمُتَنَجِّسُ كَحَجَرٍ مُتَنَجِّسٍ (جَامِدٍ) فَلا يَكْفِي غَيْرُ الْجَامِدِ كَالطِّينِ وَلا الرَّطْبُ كَالْجِلْدِ الرَّطْبِ (غَيْرِ مُحْتَرَمٍ) فَلا يُجْزِئُ وَلا يَجُوزُ الاِسْتِنْجَاءُ بِالْمُحْتَرَمِ كَمَطْعُومِ الآدَمِيِّ مِنْ خُبْزٍ وَنَحْوِهِ وَوَرَقَةِ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ بَلْ إِنَّ مَنِ اسْتَنْجَى بِهَا عَالِمًا بِمَا فِيهَا كَفَرَ، وَكُلُّ مَا اجْتَمَعَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ الأَرْبَعَةُ يَصِحُّ الاِسْتِنْجَاءُ بِهِ (كَحَجَرٍ أَوْ وَرَقٍ) أَوْ غَيْرِهِمَا (وَلَوْ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ انْتِقَالٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُجَاوِزَ الْخَارِجُ الصَّفْحَتَيْنِ وَهُمَا مَا يَنْضَمُّ مِنَ الأَلْيَتَيْنِ عِنْدَ الْقِيَامِ أَوْ حَشَفَةَ الرَّجُلِ أَيْ رَأْسَ ذَكَرِهِ وَمِنْ غَيْرِ أَنْ يَصَلَ الْبَولُ إِلَى مَدْخَلِ الذَّكَرِ مِنَ الْمَرْأَةِ (وَقَبْلَ جَفَافِ) الْخَارِجِ وَإِلا تَعَيَّنَ الْمَاءُ (فَإِنِ انْتَقَلَ) الْخَارِجُ (عَنِ الْمَكَانِ الَّذِي اسْتَقَرَّ فِيهِ) بَعْدَ خُرُوجِهِ (أَوْ جَفَّ وَجَبَ الْمَاءُ) في الاِسْتِنْجَاءِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مُوجِبَاتِ الْغُسْلِ وَأَرْكَانِهِ (وَمِنْ شُرُوطِ) صِحَّةِ (الصَّلاةِ الطَّهَارَةُ مِنَ الْحَدَثِ الأَكْبَرِ) وَيَكُونُ ذَلِكَ (بِالْغُسْلِ أَوِ التَّيَمُّمِ لِمَنْ عَجَزَ عَنِ الْغُسْلِ وَالَّذِي يُوجِبُهُ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ) أَوَّلُهَا (خُرُوجُ الْمَنِيِّ) أَيْ ظُهُورُهُ إِلَى ظَاهِرِ حَشَفَةِ الرَّجُلِ وَوُصُولُهُ إِلَى ظَاهِرِ فَرْجِ الْبِكْرِ أَوْ وُصُولُهُ إِلَى مَا يَظْهَرُ مِنْ فَرْجِ الثَّيِّبِ عِنْدَ قُعُودِهَا عَلَى قَدَمَيْهَا لِقَضَاءِ الْحَاجَةِ مَثَلا (وَ) ثَانِيهَا (الْجِمَاعُ) وَلَوْ مِنْ دُونِ خُرُوجِ مَنِيٍّ وَالْجِمَاعُ إِيلاجُ الْحَشَفَةِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا فِي فَرْجٍ وَلَوْ دُبُرًا، وَخُرُوجُ الْمَنِيِّ وَالْجِمَاعُ يَشْتَرِكُ فِيهِمَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ (وَ) ثَالِثُهَا (الْحَيْضُ) وَهُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ رَحِمِ الْمَرْأَةِ عَلَى سَبِيلِ الصِّحَّةِ مِنْ غَيْرِ سَبَبِ الْوِلادَةِ وَأَقَلُّهُ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ وَأَكْثَرُهُ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا وَالْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ هُوَ انْقِطَاعُ الدَّمِ (وَ) رَابِعُهَا (النِّفَاسُ) وَهُوَ الدَّمُ الْخَارِجُ مِنْ رَحِمِ الْمَرْأَةِ بَعْدَ الْوِلادَةِ وَأَقَلُّهُ قَدْرُ بَزْقَةٍ وَأَكْثَرُهُ سِتُّونَ يَومًا وَالْمُوجِبُ لِلْغُسْلِ هُوَ انْقِطَاعُ الدَّمِ أَيْضًا (وَ) خَامِسُهَا (الْوِلادَةُ) وَلَوْ كَانَتْ بِلا دَمٍ (وَفُرُوضُ الْغُسْلِ) أَيْ أَرْكَانُهُ (اثْنَانِ) الأَوَّلُ (نِيَّةُ رَفْعِ الْحَدَثِ الأَكْبَرِ أَوْ نَحْوُهَا) مِنَ النِّيَّاتِ الْمُجْزِئَةِ كَأَنْ يَنْوِيَ فَرْضَ الْغُسْلِ أَوِ الْغُسْلَ الْوَاجِبَ وَلا بُدَّ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ عِنْدَ غَسْلِ أَوَّلِ جُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ (وَ) الثَّانِي (تَعْمِيمُ جَمِيعِ الْبَدَنِ بَشَرًا وَشَعَرًا وَإِنْ كَثُفَ) ظَاهِرًا وَبَاطِنًا (بِالْمَاءِ) الْمُطَهِّرِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ (شُرُوطِ الطَّهَارَةِ) مِنَ الْحَدَثَيْنِ وَهِيَ خَمْسَةٌ أَوَّلُهَا (الإِسْلامُ) فَلا تَصِحُّ طَهَارَةُ الْكَافِرِ مِنَ الْحَدَثَيْنِ (وَ) ثَانِيهَا (التَّمْيِيزُ) فَلا تَصِحُّ طَهَارَةُ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ (وَ) ثَالِثُهَا (عَدَمُ الْمَانِعِ مِنْ وُصُولِ الْمَاءِ إِلَى) الْعُضْوِ (الْمَغْسُولِ) أَوِ الْمَمْسُوحِ فَلا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ مَعَ وُجُودِ مَانِعٍ كَالشَّحْمِ اللاصِقِ بِالْجِلْدِ وَأَمَّا مَا يَسْتُرُ لَوْنَ الْبَشَرَةِ وَلا يَمْنَعُ الْمَاءَ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى الْجِلْدِ كَالْحِبْرِ فَلا يَضُرُّ (وَ) رَابِعُهَا (السَّيَلانُ) وَهُوَ أَنْ يَجْرِيَ الْمَاءُ عَلَى الْجِلْدِ بِطَبْعِهِ وَلَوْ بِوَاسِطَةِ إِمْرَارِ الْيَدِ فَلا يُجْزِئُ مُجَرَّدُ الْمَسْحِ الَّذِي لا يُسَمَّى غَسْلا (وَ) خَامِسُهَا (أَنْ يَكُونَ الْمَاءُ) طَاهِرًا فِي نَفْسِهِ (مُطَهِّرًا) لِغَيْرِهِ وَهُوَ الْمَاءُ الْمُطْلَقُ الَّذِي يُطْلَقُ اسْمُ الْمَاءِ عَلَيْهِ بِلا قَيْدٍ كَمَاءِ الْمَطَرِ وَذَلِكَ (بِأَنْ لا يُسْلَبَ اسْمَهُ) أَيْ بِأَنْ لا يَخْرُجَ عَنْ إِطْلاقِهِ فَيُقَيَّدَ (بِمُخَالَطَةِ) شَىْءٍ (طَاهِرٍ يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ أَيْ) يُمْكِنُ صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ، وَالْمُخَالَطَةُ لِلْمَاءِ بِطَاهِرٍ مَعْنَاهُ (امْتِزَاجُ شَىْءٍ طَاهِرٍ) بِهِ (كَالْحَلِيبِ وَالْحِبْرِ وَشِبْهِ ذَلِكَ) وَأَمَّا مَا جَاوَرَ الْمَاءَ كَالْعُودِ الصُّلْبِ الَّذِي لا يَتَحَلَّلُ فِيهِ فَلا يُؤَثِّرُ عَلَى طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ (فَلَوْ تَغَيَّرَ الْمَاءُ بِهِ) أَيْ بِالْمُخَالِطِ (بِحَيْثُ) سَلَبَ اسْمَ الْمَاءِ عَنْهُ بِأَنْ تَغَيَّرَ تَغَيُّرًا كَثِيرًا فِي لَوْنِهِ أَوْ طَعْمِهِ أَوْ رِيحِهِ فَصَارَ (لا يُسَمَّى مَاءً لَمْ يَصْلُحْ لِلطَّهَارَةِ) بِخِلافِ مَا لَوْ غَيَّرَهُ قَلِيلا بِحَيْثُ لا يَسْلُبُ اسْمَ الْمَاءِ عَنْهُ فَلا يَضُرُّ وَيَبْقَى طَهُورًا (وَأَمَّا تَغَيُّرُهُ بِمَا لا يَسْتَغْنِي الْمَاءُ عَنْهُ كَأَنْ يَتَغَيَّرَ بِمَا فِي مَقَرِّهِ) كَالطُّحْلِبِ وَهُوَ خُضْرَةٌ تَعْلُو الْمَاءَ (أَوْ مَمَرِّهِ) كَالْكِبْرِيتِ (أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا يَشُقُّ) أَيْ يَعْسُرُ (صَوْنُ الْمَاءِ عَنْهُ فَلا يَضُرُّ) فِي طَهُورِيَّةِ الْمَاءِ (فَيَبْقَى) طَاهِرًا (مُطَهِّرًا وَإِنْ كَثُرَ تَغَيُّرُهُ وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا لِصَحَّةِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ (أَنْ لا يَتَغَيَّرَ بِنَجِسٍ) كَبَوْلٍ (وَلَوْ تَغَيُّرًا يَسِيرًا) سَوَاءٌ كَانَ الْمَاءُ قَلِيلا أَوْ كَثِيرًا (وَ) أَمَّا (إِنْ كَانَ الْمَاءُ) قَلِيلا بِأَنْ كَانَ (دُونَ الْقُلَّتَيْنِ) وَهُمَا بِالْمُرَبَّعِ مَا يَسَعُ حُفْرَةً طُولُهَا ذِرَاعٌ وَرُبْعٌ وَكَذَلِكَ عَرْضُهَا وَعُمْقُهَا (اشْتُرِطَ) لِصِحَّةِ الطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ (أَنْ لا يُلاقِيَهُ نَجِسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ) وَأَمَّا إِذَا كَانَتِ النَّجَاسَةُ مَعْفُوًّا عَنْهَا كَمَيْتَةِ مَا لا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةٌ وَهو الَّذِي إِذَا قُطِعَ مِنْهُ عُضْوٌ لا يَسِيلُ دَمُهُ كَالذُّبَابِ وَالنَّمْلِ إِذَا وَقَعَ فِي الْمَاءِ وَمَاتَ فِيهِ فَإِنَّهُ لا يُنَجِّسُهُ (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (أَنْ لا يَكُونَ) الْمَاءُ الْقَلِيلُ قَدِ (اسْتُعْمِلَ فِي رَفْعِ حَدَثٍ) بِخِلافِ مَا اسْتُعْمِلَ فِي الْغَسْلَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ فَإِنَّهُ يَبْقَى طَهُورًا (أَوِ) اسْتُعْمِلَ فِي (إِزَالَةِ نَجِسٍ) وَلَمْ يَتَغَيَّرِ الْمَاءُ بِالنَّجَاسَةِ فَإِنَّهُ يَكُونُ طَاهِرًا غَيْرَ مُطَهِّرٍ (وَمَنْ لَمْ يَجِدِ الْمَاءَ) بَعْدَ طَلَبِهِ لَهُ أَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَيْهِ لِشُرْبِهِ (أَوْ كَانَ يَضُرُّهُ الْمَاءُ) بِحَيْثُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ عَلَى عُضْوٍ مِنْ أَعْضَائِهِ التَّلَفَ مِنِ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ أَوْ طُولَ مَرَضِهِ (تَيَمَّمَ بَعْدَ دُخُولِ الْوَقْتِ( لِلصَّلاةِ )وَ( يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ بَعْدَ )زَوَالِ النَّجَاسَةِ الَّتِي لا يُعْفَى عَنْهَا( عَنْ بَدَنِهِ وَلا بُدَّ أَنْ يَكُونَ التَّيَمُّمُ )بِتُرَابٍ خَالِصٍ( مِنْ نَحْوِ الرَّمَادِ )طَهُورٍ( لا مُتَنَجِّسٍ )لَهُ غُبَارٌ( وَيَكُونُ التَّيَمُّمُ )فِي الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ( أَيْ بِمَسْحِهِمَا (يُرَتِبُهُمَا بِضَرْبَتَيْنِ) بِتَقْدِيمِ مَسْحِ الْوَجْهِ عَلَى مَسْحِ الْيَدَيْنِ (بِنِيَّةٍ) مُجْزِئَةٍ كَـ(اسْتِبَاحَةِ فَرْضِ الصَّلاةِ) وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ النِّيَّةُ (مَعَ النَّقْلِ) أَيْ مَعَ تَحْوِيلِ التُّرَابِ (وَمَسْحِ أَوَّلِ) جُزْءٍ مِنَ (الْوَجْهِ).
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْدِثِ (وَمَنِ انْتَقَضَ وُضُوؤُهُ حَرُمَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ) وَلَوْ صَلاةَ جِنَازَةٍ أَوْ نَفْلا (وَالطَّوافُ) فَرْضًا كَانَ أَوْ نَفْلا (وَحَمْلُ الْمُصْحَفِ) أَوْ مَا كُتِبَ مِنَ الْقُرْءَانِ لِلدِّرَاسَةِ (وَمَسُّهُ) أَيْ مَسُّ وَرَقِهِ وَجِلْدِهِ الْمُتَّصِلِ بِهِ وَحَواشِيهِ (وَيُمَكَّنُ مِنْ ذَلِكَ) أَيْ مِنْ حَمْلِهِ وَمَسِّهِ مَعَ الْحَدَثِ (الصَّبِيُّ) الْمُمَيِّزُ (لِلدِّرَاسَةِ) وَالتَّعَلُّمِ فِيهِ لِنَفْسِهِ (وَيَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ هَذِهِ) الأُمُورُ الأَرْبَعَةُ (وَقِرَاءَةُ الْقُرْءَانِ) بِاللِّسَانِ بِقَصْدِ تِلاوَتِهِ (وَالْمُكْثُ فِي الْمَسْجِدِ) أَوِ التَّرَدُّدُ فِيهِ (وَ) يَحْرُمُ (عَلَى الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ هَذِهِ) الأُمُورُ السِّتَّةُ (وَالصَّوْمُ قَبْلَ الاِنْقِطَاعِ) أَيِ انْقِطَاعِ الدَّمِ أَمَّا بَعْدَهُ فَيَجُوزُ وَلَوْ قَبْلَ الْغُسْلِ (وَتَمْكِينُ) الزَّوْجَةِ (الزَّوْجَ وَ) وَالأَمَةِ الْمَملُوكَةِ (السَّيِّدَ مِنَ الاِسْتِمْتَاعِ بِمَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ) بِمُبَاشَرَتِهَا بِلا حَائِلٍ (قَبْلَ الْغُسْلِ) الْمُجْزِئِ (وَقِيلَ لا يَحْرُمُ) مِنْ ذَلِكَ شَىْءٌ (إِلاَّ الْجِمَاعُ).
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ كَيْفِيَّةِ إِزَالَةِ النَّجَاسَةِ (وَمِنْ شُرُوطِ) صِحَّةِ (الصَّلاةِ الطَّهَارَةُ عَنِ النَّجَاسَةِ فِي الْبَدَنِ) كَدَاخِلِ الْعَيْنِ وَالْفَمِ (وَ) فِي (الثَّوْبِ وَالْمَكَانِ) الَّذِي يَمَسُّهُ بِبَدَنِهِ (وَالْمَحْمُولِ لَهُ كَقِنِّينَةٍ) فِيهَا نَجَسٌ (يَحْمِلُهَا فِي جَيْبِهِ فَإِنْ لاقَاهُ) بِأَنْ مَسَّ بَدَنَ الْمُصَلِّي أَوْ ثِيَابَهُ (نَجَسٌ أَوْ مَحْمُولَهُ) كَرِدَاءٍ يَضَعُهُ عَلَى كَتِفَيْهِ (بَطَلَتْ صَلاتُهُ) سَوَاءٌ كَانَ النَّجَسُ يَابِسًا أَوْ رَطْبًا (إِلاَّ أَنْ يُلْقِيَهُ حَالا وَيَكُونَ جَامِدًا) أَوْ رَطْبًا كَأَنْ وَقَعَ عَلَى رِدَائِهِ نَجَسٌ رَطْبٌ فَأَلْقَى الرِّدَاءَ فَوْرًا قَبْلَ أَنْ يَصِلَ النَّجَسُ إِلَى مَا دُونَ الرِّدَاءِ مِنْ ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ فَلا تَبْطُلُ صَلاتُهُ (أَوْ يَكُونَ) النَّجَسُ (مَعْفُوًّا عَنْهُ كَدَمِ جُرْحِهِ) فَلا تَبْطُلُ أَيْضًا (وَيَجِبُ إِزَالَةُ نَجِسٍ لَمْ يُعْفَ عَنْهُ) لِصَحَّةِ الصَّلاةِ وَذَلِكَ (بِإِزَالَةِ الْعَيْنِ أَيْ جِرْمِهَا) وَأَوْصَافِهَا (مِنْ طَعْمٍ وَلَوْنٍ وَرِيحٍ بِالْمَاءِ الْمُطَهِّرِ وَ) أَمَّا النَّجَاسَةُ (الحُكْمِيَّةُ) فَتَكُونُ إِزَالَتُهَا (بِجَرْيِ الماءِ) الْمُطَهِّرِ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى مَحَلِّهَا مَرَّةً وَاحِدَةً (وَالنَّجَاسَةُ الحُكْمِيَّةُ هِيَ) النَّجَاسَةُ (الَّتِي لا يُدْرَكُ لَهَا لَوْنٌ وَلا طَعْمٌ وَلا رِيحٌ) كَبَوْلٍ جَفَّ وَذَهَبَتْ أَوْصَافُهُ (وَ) أَمّا النَّجَاسَةُ (الكَلْبِيَّةُ) وَالْخِنْزِيرِيَّةُ فَتُزَالُ (بِغَسْلِهَا سَبْعًا) بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ (إِحْدَاهُنَّ مَمْزُوجَةً بِالتُّرَابِ الطَّهُورِ) كَأَنْ يُوضَعَ التُّرَابُ فِي الْمَاءِ فَيُكَدِّرَهُ (وَ) الغَسْلَةُ (الْمُزِيلَةُ لِلْعَيْنِ) أَيْ لِلْجِرْمِ مَعَ الْوَصْفِ (وَإِنْ تَعَدَّدَتْ) تُعَدُّ غَسْلَةً (وَاحِدَةً وَيُشْتَرَطُ) فِي تَطْهِيرِ مَوْضِعِ النَّجَاسَةِ (وُرُودُ الْمَاءِ) عَلَى النَّجَاسَةِ (إِنْ كَانَ قَلِيلا) دُونَ الْقُلَّتَيْنِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلاةِ وَمُبْطِلاَتِهَا (وَمِنْ شُرُوطِ الصَّلاةِ اسْتِقْبالُ القِبْلَةِ) أَيْ جِرْمِ الكَعْبَةِ بِأَنْ يَسْتَقْبِلَهَا الْمُصَلِّي بِالصَّدْرِ فِي الْقِيَامِ وَالْقُعُودِ وَبِمُعْظَمِ الْبَدَنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (وَ) يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ (دُخُولِ وَقْتِ الصَّلاةِ) إِمَّا يَقِينًا بِالْمُرَاقَبَةِ كَأَنْ يُعَايِنَ غُرُوبَ قُرْصِ الشَّمْسِ وَإِمَّا ظَنًّا كَالاِعْتِمَادِ عَلَى الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ (وَالإِسْلامُ) فَلا تَصُحُّ الصَّلاةُ مِنْ كَافِرٍ (وَالتَّمْيِيزُ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الوَلَدُ بَلَغَ مِنَ السِنِّ إِلَى حَيْثُ يَفْهَمُ الْخِطَابَ وَيَرُدُّ الْجَوَابَ) فَلا تَصِحُّ الصَّلاةُ مِنْ غَيْرِ الْمُمَيِّزِ (وَ) يُشْتَرَطُ أَيْضًا (الْعِلْمُ بِفَرْضِيَّتِهَا) إِنْ كَانَتِ الصَّلاةُ فَرْضًا (وَأَنْ لا يَعْتَقِدَ) الْمُصَلِّي (فَرْضًا مِنْ فُرُوضِهَا) كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (سُنَّةً وَ) يُشْتَرَطُ (السَّتْرُ) لِلْعَوْرَةِ (بِمَا يَسْتُرُ لَوْنَ الْبَشَرَةِ) وَالشَّعَرِ (لِجَمِيعِ بَدَنِ) الْمَرْأَةِ (الحُرَّةِ) غَيْرِ الْمَمْلُوكَةِ (إِلا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ) لأَنَّهُمَا لَيْسَا بِعَوْرَةٍ (وَبِمَا يَسْتُرُ مَا بَيْنَ السُرَّةِ وَالرُّكْبَةِ لِلذَّكَرِ وَالأَمَةِ) الْمَمْلُوكَةِ فَلَيْسَتِ السُّرَّةُ وَالرُّكْبَةُ عَوْرَةً إِنَّمَا الْعَوْرَةُ مَا بَيْنَهُمَا وَهَذَا السَّتْرُ الْمُشْتَرَطُ إِنَّمَا يُكُونُ (مِنْ كُلِّ الْجَوَانِبِ) وَالأَعْلَى (لا) مِنَ (الأَسْفَلِ) فَإِنَّهُ لَوْ صَلَّى الشَّخْصُ عَلَى مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ وَكَانَتْ تُرَى عَوْرَتُهُ لِمَنْ نَظَرَ مِنْ أَسْفَلَ لَكِنَّهَا لا تُرَى مِنَ الأَعْلَى وَالْجَوَانِبِ صَحَّتْ صَلاتُهُ.
(فَصْلٌ) فِي بَيانِ مُبْطِلاتِ الصَّلاةِ (وَتَبْطُلُ الصَّلاةُ بِالْكَلامِ) أَيْ بِمَا كَانَ مِنْ كَلامِ النَّاسِ عَمْدًا مَعَ ذِكْرِ أَنَّهُ فِي الصَّلاةِ (وَلَوْ بِحَرْفَيْنِ( لا مَعْنَى لَهُمَا )أَوْ بِحَرْفٍ مُفْهِمٍ( لَهُ مَعْنًى كَأَنْ يَقُولَ قِ فَإِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ الأَمْرُ بِالْوِقَايَةِ )إِلا أَنْ نَسِيَ( الْمُصَلِّي أَنَّهُ فِي الصَّلاةِ )وَقَلَّ( الكَلامُ الَّذي تَكَلَّمَ بِهِ كَسِتِّ كَلِمَاتٍ عُرْفِيَّةٍ فَلا تَبْطُلُ صَلاتُهُ حِينَئِذٍ )وَ (تَبْطُلُ الصَّلاةُ أَيْضًا )بِالْفِعْلِ الْكَثِيرِ وَهُوَ عِنْدَ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ( الشَّافِعِيَّةِ )مَا يَسَعُ قَدْرَ رَكْعَةٍ مِنَ الزَّمَنِ( مُتَوَالِيًا )وَقِيلَ ثَلاثُ حَرَكَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ( بِعُضْوٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ )وَ( القَوْلُ )الأَوَّلُ أَقْوَى دَلِيلا( لأَنَّهُ أَوْفَقُ لِظاهر الْحَدِيثِ )وَ) تَبْطُلُ الصَّلاةُ )بِالْحَرَكَةِ الْمُفْرِطَةِ( كَالْوَثْبَةِ )وَبِزِيَادَةِ رُكْنٍ فِعْلِيٍّ( عَمْدًا كَأَنْ سَجَدَ سُجُودَيْنِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ )وَبِالْحَرَكَةِ الْوَاحِدَةِ لِلَّعِبِ( وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مُفْرِطَةً )وَبِالأَكْلِ وَالشُّرْبِ إِلا أَنْ نَسِيَ) الْمُصَلِّي (وَقَلَّ) ذَلِكَ (وَبِنِيَّةِ قَطْعِ الصَّلاةِ) فِي الْحَالِ أَوِ الاِسْتِقْبَالِ كَأَنْ نَوَى أَنْ يَقْطَعَهَا بَعْدَ مُضِيِّ رَكْعَةٍ مَثَلا (وَبِتَعْلِيقِ قَطْعِهَا عَلَى شَىْءٍ) كَقُدُومِ زَيْدٍ (وَبِالتَّرَدُّدِ فِيهِ) أَيْ فِي قَطْعِهَا كَأَنْ قَالَ بِقَلْبِهِ أَقْطَعُهَا أَمْ أَسْتَمِرُّ فِيهَا (وَ) تَبْطُلُ أَيْضًا (بِأَنْ يَمْضِيَ رُكْنٌ) مِنْ أَرْكَانِ الصَّلاةِ (مَعَ) وُجُودِ (الشَّكِّ فِي نِيَّةِ التَّحَرُّمِ) كَأَنْ شَكَّ هَلْ نَوَى فِعْلَ الصَّلاةِ فِي تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ أَوْ لا (أَوْ يَطُولَ زَمَنُ الشَّكِّ) وَلَوْ لَمْ يَمْضِ رُكْنٌ مَعَ الشَّكِّ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ شُرُوطِ قَبُولِ الصَّلاةِ (وَشُرِطَ مَعَ مَا مَرَّ) أَيْ إِضَافَةً إِلَى مَا مَرَّ مِنْ شُرُوطِ الصِحَّةِ (لِقَبُولِهَا) أَيْ لِنَيْلِ الأَجْرِ وَالثَّوَابِ (عِنْدَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَنْ يَقْصِدَ بِهَا) أَيْ بِصَلاتِهِ (وَجْهَ اللَّهِ) أَيِ امْتِثَالَ أَمْرِ اللَّهِ (وَحْدَهُ) وَلا يَكُونُ قَصْدُهُ أَنْ يَمْدَحَهُ النَّاسُ وَيُثْنُوا عَلَيْهِ (وَأَنْ يَكُونَ مَأْكَلُهُ) الَّذِي فِي بَطْنِهِ حَالَ صَلاتِهِ (وَمَلْبُوسُهُ) الَّذِي يَلْبَسُهُ حَالَ صَلاتِهِ (وَمُصَلاهُ) أَيِ الْمَكَانُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ (حَلالا وَأَنْ يَخْشَعَ لِلَّهِ قَلْبُهُ فِيهَا) أَيْ فِي الصَّلاةِ (وَلَوْ لَحْظَةً) وَالْخُشُوعُ هُوَ اسْتِشْعَارُ الْخَوْفِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِاسْتِشْعَارِ مَحَبَّتِهِ وَتَعْظِيمِهِ (فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ) مِنْهُ (ذَلِكَ) أَيْ مَا مَرَّ مِنْ شُرُوطِ الْقَبُولِ (صَحَّتْ صَلاتُهُ بِلا ثَوابٍ).
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَرْكَانِ الصَّلاةِ وَ(أَرْكَانُ الصَّلاةِ سَبْعَةَ عَشَرَ) رُكْنًا (الأَوَّلُ النِّيَّةُ بِالْقَلْبِ لِلْفِعْلِ) أَيْ أَنْ يَقْصِدَ فِعْلَ الصَّلاةِ ضِمْنَ التَّكْبِيرِ (وَيُعَيِّنُ) فِي النِّيَّةِ الصَّلاةَ (ذَاتَ السَّبَبِ) كَالْخُسُوفِ وَالاِسْتِسْقَاءِ (أَوِ الْوَقْتِ) كَالْعَصْرِ وَالضُّحَى (وَ) لا بُدَّ أَنْ (يَنْوِيَ) الْمُصَلِّي (الْفَرْضِيَّةَ فِي الْفَرْضِ) كَأَنْ يَقُولَ بِقَلْبِهِ مَثَلا أُصَلِّي فَرْضَ الْعَصْرِ (وَ) أَنْ (يَقُولَ) الْمُصَلِّي (بِحَيْثُ يُسْمِعُ نَفْسَهُ كَكُلِّ رُكْنٍ قَوْلِيٍّ اللَّهُ أَكْبَرُ) وَيُشْتَرَطُ أَنْ لا يَزِيدَ فِيهِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ لَفْظِ التَّكْبِيرِ (وَهُوَ ثَانِي أَرْكَانِهَا) وَ(الثَّالِثُ الْقِيَامُ فِي الْفَرْضِ) وَلَوْ صَلاةَ جِنَازَةٍ (لِلْقَادِرِ) عَلَيْهِ وَشَرْطُ الْقِيَامِ الاِعْتِمَادُ عَلَى قَدَمَيْهِ وَنَصْبُ فَقَارِ ظَهْرِهِ وَ(الرَّابِعُ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ) وَهِيَ فَرْضٌ عَلَى الْمُنْفَرِدِ وَالإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ وَيُشْتَرَطُ ابْتِدَاؤُهَا (بِالْبَسْمَلَةِ) فَإِنَّهَا أَوَّلُ ءَايَاتِهَا (وَ) لا بُدَّ أَنْ يَأْتِيَ (بِالتَّشْدِيدَاتِ) وَعَدَدُهَا أَرْبَعَ عَشْرَةَ شَدَّةً (وَيُشْتَرَطُ مُوَالاتُهَا) بِأَنْ لا يَفْصِلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهَا بِأَكْثَرَ مِنْ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ (وَتَرْتِيبُهَا) بِأَنْ يَأْتِيَ بِهَا عَلَى نَظْمِهَا الْمَعْرُوفِ (وَإِخْرَاجُ الْحُرُوفِ مِنْ مَخَارِجِهَا) وَأَوْلاهَا عِنَايَةً الصَّادُ فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يُخْرِجُونَهَا غَيْرَ صَافِيَةٍ (وَعَدَمُ اللَّحْنِ) أَيِ الْخَطَأِ (الْمُخِلِّ بِالْمَعْنَى) وَالْمُغَيِّرِ لَهُ (كَضَمِّ تَاءِ أَنْعَمْتَ) أَوِ الْمُبْطِلِ لَهُ كَقِرَاءَةِ الذِّينَ بِالزَّايِ فَإنَّهُ لا مَعْنَى لَهُ (وَيَحْرُمُ اللَّحْنُ الَّذِي لَمْ يُخِلَّ) كَقِرَاءَةِ نَعْبُدُ بِكَسْرِ النُّونِ (وَلا يُبْطِلُ) الصَّلاةَ وَ(الْخَامِسُ الرُّكُوعُ) وَيَحْصُلُ (بِأَنْ يَنْحَنِيَ) الْمُصَلِّي (بِحَيْثُ تَنَالُ) وَتَبْلُغُ (رَاحَتَاهُ رُكْبَتَيْهِ) مَعَ اعْتِدَالِ الْخِلْقَةِ وَ(السَّادِسُ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الرُّكُوعِ بِقَدْرِ (سُبْحَانَ اللَّهِ وَ) الطُّمَأْنِينَةُ (هِيَ سُكُونُ) وَاسْتِقْرَارُ (كُلِّ عَظْمٍ مَكَانَهُ دَفْعَةً وَاحِدَةً) وَ(السَّابِعُ الاِعْتِدَالُ) وهُوَ عَوْدُ الرَّاكِعِ إِلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الرُّكُوعِ (بِأَنْ يَنْتَصِبَ بَعْدَ الرُّكُوعِ قَائِمًا) إِنْ كَانَ يُصَلِّي قَائِمًا وَ(الثَّامِنُ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) أَيْ فِي الاِعْتِدَالِ وَ(التَّاسِعُ السُّجُودُ مَرَّتَيْنِ) فِي كُلِّ رَكْعَةٍ وَذَلِكَ (بِأَنْ يَضَعَ جَبْهَتَهُ) وَهِيَ مَا بَيْنَ الْجَبِينَيْنِ (كُلَّهَا أَوْ بَعْضَهَا عَلَى مُصَلاهُ) أَيْ مَوْضِعِ سُجُودِهِ (مَكْشُوفَةً وَمُتَثَاقِلا بِهَا) بِحَيْثُ لَوْ كَانَ تَحْتَهُ قُطْنٌ لانْكَبَسَ وَظَهَرَ أَثَرُهُ عَلَى يَدِهِ لَوْ فُرِضَتْ تَحْتَ الْقُطْنِ (وَ) أَنْ يَكُونَ (مُنَكِّسًا أَيْ يَجْعَلُ أَسَافِلَهُ أَعْلَى مِنْ أَعَالِيهِ وَ) يُشْتَرَطُ أَنْ (يَضَعَ شَيْئًا) وَلَوْ جُزْءًا يَسِيرًا (مِنْ رُكْبَتَيْهِ وَمِنْ بُطُونِ كَفَّيْهِ وَمِنْ بُطُونِ أَصَابِعِ رِجْلَيْهِ) عَلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ مَكْشُوفَةً (وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ خَارِجَ الْمَذْهَبِ) الشَّافِعِيِّ وَهُمُ الْحَنَابِلَةُ (لَيْسَ شَرْطًا فِي السُّجُودِ التَّنْكِيسُ فَلَوْ كَانَ رَأْسُهُ أَعْلَى مِنْ دُبُرِهِ صَحَّتِ الصَّلاةُ عِنْدَهُمْ) بِشَرْطِ أَنْ لا يَخْرُجَ ذَلِكَ عَنِ اسْمِ السُّجُودِ وَ(الْعَاشِرُ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) أَيْ فِي السُّجُودِ وَ(الْحَادِي عَشَرَ الْجُلُوسُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ) وَ(الثَّانِي عَشَرَ الطُّمَأْنِينَةُ فِيهِ) وَ(الثَّالِثَ عَشَرَ الْجُلُوسُ لِلتَّشَهُّدِ الأَخِيرِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الصَّلاةِ عَلَى النَّبِيِّ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَالسَّلامُ) وَ(الرَّابِعَ عَشَرَ التَّشَهُّدُ الأَخِيرُ فَيَقُولُ التَّحِيَّاتُ الْمُبَارَكَاتُ الصَّلَوَاتُ الطَّيِّبَاتُ لِلَّهِ السَّلامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) وَهُوَ أَكْمَلُ التَّشَهُّدِ (أَوْ) يُقَالُ (أَقَلُّهُ وَهُوَ التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ سَلامٌ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ سَلامٌ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إلا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) وَ(الْخَامِسَ عَشَرَ الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَلُّهَا اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ) أَوْ نَحْوُهُ مِثْلُ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَ(السَّادِسَ عَشَرَ السَّلامُ وَأَقَلُّهُ السَّلامُ عَلَيْكُمْ) وَيُشْتَرَطُ فِيهِ الإِتْيَانُ بَأَل فِي السَّلامِ وَبِالْمِيمِ فِي عَلَيْكُمْ وَالْمُوَالاةُ بَيْنَ كَلِمَتَيْهِ وَأَنْ يسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ إِلَى تَمَامِهِ وَ(السَّابِعَ عَشَرَ التَّرْتِيبُ) لأَرْكَانِهَا كَمَا ذُكِرَ فِي تَعْدَادِهَا (فَإِنْ تَعَمَّدَ) الْمُصَلِّي (تَرْكَهُ) بِأَنْ قَدَّمَ رُكْنًا قَوْلِيًّا هُوَ السَّلامُ أَوْ رُكْنًا فِعْلِيًّا مُطْلَقًا (كَأَنْ سَجَدَ قَبْلَ رُكُوعِهِ بَطَلَتْ) صَلاتُهُ لِتَلاعُبِهِ (وَإِنْ سَهَا) بِتَرْكِهِ التَّرْتِيبَ (فَلْيَعُدْ) فَوْرًا (إِلَيْهِ) أَيْ إِلَى الرُّكْنِ الْمَتْرُوكِ (إِلا أَنْ يَكُونَ) تَذَكَّرَ بَعْدَ أَنْ صَارَ (فِي) رُكْنٍ (مِثْلِهِ أَوْ بَعْدَهُ فَتَتِمُّ بِهِ) أَيْ بِهذا الرُّكْنِ الَّذِي عَمِلَهُ (رَكَعَتُهُ) الَّتِي أَنْقَصَ مِنْهَا رُكْنًا (وَلَغَا مَا سَهَا بِهِ) أَيْ لَغَا مَا فَعَلَهُ بَعْدَ تَرْكِهِ لِلرُّكُوعِ إِلَى أَنْ أَتَى بِهِ (فَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ تَرْكَهُ لِلرُّكُوعِ) مَثَلا (إِلا بَعْدَ أَنْ رَكَعَ الرُّكُوعَ الَّذِي بَعْدَهُ) تَمَّتْ بِرُكُوعِهِ رَكْعَتُهُ (وَلَغَا مَا فَعَلَهُ بَيْنَ ذَلِكَ).
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ (الْجَمَاعَةُ) فِي الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ (عَلَى الذُّكُورِ الأَحْرَارِ الْمُقِيمِينَ الْبَالِغِينَ) الْعُقَلاءِ (غَيْرِ الْمَعْذُورِينَ فَرْضُ كِفَايَةٍ) فَلا تَجِبُ عَلَى النِّسَاءِ وَالْعَبِيدِ وَالْمُسَافِرِينَ وَالصِّبْيَانِ وَالْمَعْذُورِينَ بِعُذْرٍ مِنَ الأَعْذَارِ الْمُسْقِطَةِ لِوُجُوبِ الْجَمَاعَةِ كَالْمَطَرِ الَّذِي يَبُلُّ الثَّوْبَ، وَيَحْصُلُ الْفَرْضُ بِإِقَامَتِهَا بِحَيْثُ يُمْكِنُ لقَاصِدِهَا إِدْرَاكُهَا بِلا مَشَقَّةٍ ظَاهِرَةٍ (وَ) الْجَمَاعَةُ (فِي) صَلاةِ (الْجُمُعَةِ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَيْهِمْ) أَيْ عَلَى مَنْ كَانَ مَوْصُوفًا بِالأَوْصَافِ السَّابِقَةِ (إِذَا كَانُوا أَرْبَعِينَ مُكَلَّفِينَ مُسْتَوْطِنِينَ فِي أَبْنِيَةٍ) وَلَوْ كَانَتْ مِنْ خَشَبٍ أَوْ قَصَبٍ أَوْ سَعَفٍ وَ(لا) تَجِبُ عَلَى الْمُسْتَوْطِنِينَ (فِي الْخِيَامِ لأَنَّهَا) أَيِ الْجُمُعَةَ (لا تَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْخِيَامِ وَتَجِبُ عَلَى مَنْ نَوَى الإِقَامَةَ عِنْدَهُمْ) فِي بَلَدِ الْجُمُعَةِ (أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ صِحَاحٍ أَيْ) كَوَامِلَ (غَيْرَ يَوْمَيِ الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ) فَأَكْثَرَ لأَنَّهُ بِذَلِكَ يَنْقَطِعُ السَّفَرُ، فَلَوْ دَخَلَ الْبَلَدَ يَوْمَ الإِثْنَيْنِ وَنَوَى أَنْ يَخْرُجَ قَبْلَ غُرُوبِ شَمْسِ الْجُمُعَةِ لَمْ يَنْقَطِعِ السَّفَرُ (وَ) تَجِبُ أَيْضًا (عَلَى مَنْ بَلَغَهُ نِدَاءُ صَيِّتٍ) أَيْ أَذَانِ شَخْصٍ عَالِي الصَّوْتِ (مِنْ طَرَفٍ يَلِيهِ) أَيْ مِنَ الطَّرَفِ الأَقْرَبِ إِلَيْهِ (مِنْ بَلَدِهَا) أَيْ مِنَ الْبَلَدِ الَّذِي تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ وَذَلِكَ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ وَاقِفًا بِمُسْتَوٍ مَعَ اعْتِبَارِ سُكُونِ الرِّيحِ بِحَيْثُ يَعْلَمُ أَنَّ مَا يَسْمَعُهُ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ وَلَوْ لَمْ تَتَبَيَّنِ الْكَلِمَاتُ وَبِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مُعْتَدِلَ السَّمْعِ (وَشَرْطُهَا) أَيْ شَرْطُ صِحَّةِ الْجُمُعَةِ أَنْ تَكُونَ فِي (وَقْتِ الظُّهْرِ) فَإِنْ فَاتَتْهُ قَضَاهَا ظُهْرًا (وَخُطْبَتَانِ قَبْلَهَا) أَيْ قَبْلَ الصَّلاةِ (فِيهِ) أَيْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ (يَسْمَعُهُمَا الأَرْبَعُونَ وَأَنْ تُصَلَّى جَمَاعَةً بِهِمْ) فَلا تَصِحُّ فُرَادَى (وَأَنْ لا تُقَارِنَهَا) أَوْ تَسْبِقَهَا جُمُعَةٌ (أُخْرَى بِبَلَدٍ وَاحِدٍ فَإِنْ سَبَقَتْ إِحْدَاهُمَا) الأُخْرَى (بِالتَّحْرِيمَةِ) أَيْ بِتَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ (صَحَّتِ) الْجُمُعَةُ (السَّابِقَةُ وَلَمْ تَصِحَّ) الْجُمُعَةُ (الْمَسْبُوقَةُ) وَالْعِبْرَةُ فِي السَّبْقِ وَالْمُقَارَنَةِ النُّطْقُ بِالرَّاءِ مِنْ تَكْبِيرَةِ الإِحْرَامِ وَ(هَذَا) الْحُكْمُ (إِذَا كَانَ يُمْكِنُهُمُ الاِجْتِمَاعُ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ) وَلَمْ يَفْعَلُوا (فَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ) عَلَيْهِمْ جَازَ التَّعَدُّدُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ وَ(صَحَّتِ السَّابِقَةُ وَالْمَسْبُوقَةُ وَأَرْكَانُ الْخُطْبَتَيْنِ) خَمْسَةٌ الأَوَّلُ (حَمْدُ اللَّهِ) بِلَفْظِ الْحَمْدُ لِلَّهِ أَوْ لِلَّهِ الْحَمْدُ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَ) الثَّانِي (الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِلَفْظِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ (وَ) الثَّالِثُ (الْوَصِيَّةُ بِالتَّقْوَى) وَذَلِكَ بِالْحَثِّ عَلَى الطَّاعَةِ أَوِ الزَّجَرِ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَلا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ هَذِهِ الأَرْكَانِ الثَّلاثَةِ (فِيهِمَا) أَيْ فِي كُلٍّ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ (وَ) الرَّابِعُ قِرَاءَةُ (ءَايَةٍ مُفْهِمَةٍ) كَامِلَةٍ (فِي إِحْدَاهُمَا) أَيْ فِي إِحْدَى الْخُطْبَتَيْنِ (وَ) الْخَامِسُ (الدُّعَاءُ لِلْمُؤْمِنِينَ) الشَّامِلُ لِلْمُؤْمِنَاتِ (فِي) الْخُطْبَةِ (الثَّانِيَةِ) كَأَنْ يَقُولَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ (وَشُرُوطُهُمَا) أَيْ شُرُوطُ الْخُطْبَتَيْنِ تِسْعَةٌ: الأَوَّلُ (الطَّهَارَةُ عَنِ الْحَدَثَيْنِ) الأَصْغَرِ وَالأَكْبَرِ (وَعَنِ النَّجَاسَةِ) الَّتِي لا يُعْفَى عَنْهَا (فِي الْبَدَنِ وَالْمَكَانِ وَالْمَحْمُولِ) مِنْ ثَوْبٍ وَغَيْرِهِ (وَ) الثَّانِي (سَتْرُ الْعَوْرَةِ) وَهِيَ مَا بَيْنَ السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ (وَ) الثَّالِثُ (الْقِيَامُ) فِيهِمَا لِلْقَادِرِ (وَ) الرَّابِعُ (الْجُلُوسُ بَيْنَهُمَا) وَأَقَلُّهُ قَدْرُ الطُّمَأْنِينَةِ (وَ) الْخَامِسُ (الْمُوَلاةُ بَيْنَ أَرْكَانِهِمَا) أَيْ بَيْنَ أَرْكَانِ الْخُطْبَتَيْنِ (وَبَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الصَّلاةِ) بِأَنْ لا يَطُولَ الْفَصْلُ بَيْنَهَا عُرْفًا بِمَا لا يَتَعَلَّقُ بِهَا (وَ) السَّادِسُ (أَنْ تَكُونَا) أَيْ أَنْ تَكُونَ أَرْكَانُ الْخُطْبَتَيْنِ (بِالْعَرَبِيَّةِ) وَالسَّابِعُ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَتَانِ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالثَّامِنُ سَمَاعُ الأَرْبَعِينَ لأَرْكَانِهِمَا وَالتَّاسِعُ أَنْ تَكُونَ الْخُطْبَتَانِ قَبْلَ الصَّلاةِ.
(فَصْلٌ) فِي بَيَانِ شُرُوطِ الاِقْتِدَاءِ (وَيَجِبُ عَلَى كُلِّ مَنْ صَلَّى مُقْتَدِيًا) بِإِمَامٍ )فِي جُمُعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا أَنْ لا يَتَقَدَّمَ عَلَى إِمَامِهِ فِي الْمَوْقِفِ) أَيْ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يَقِفُ فِيهِ وَالْعِبْرَةُ بِالتَّقَدُّمِ بِعَقِبِ الرِّجْلِ فِي الْقَائِمِ (وَ) أَنْ لا يَتَقَدَّمَ عَلَى إِمَامِهِ فِي تَكْبِيرَةِ (الإِحْرَامِ) فَيَجِبُ تَأْخِيرُ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الْمَأْمُومِ عَنْ جَمِيعِ تَكْبِيرَةِ الإِمَامِ (بَلْ تُبْطِلُ) صَلاةَ الْمَأْمُومِ (الْمُقَارَنَةُ) لِلإِمَامِ يَقِينًا أَوْ شَكًّا (فِي الإِحْرَامِ وَتُكْرَهُ) الْمُقَارَنَةُ (فِي غَيْرِهِ) أَيْ فِي غَيْرِ الإِحْرَامِ مِنْ سَائِرِ الأَفْعَالِ وَتَفُوتُ بِهَا فَضِيلَةُ الْجَمَاعَةِ (إِلا التَّأْمِينَ) أَيْ قَوْلَ ءَامِين فَيُسَنُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُقَارِنَ الإِمَامَ فِيهِ، لا يَسْبِقُهُ وَلا يَتَأَخَّرُ عَنْهُ (وَيَحْرُمُ تَقَدُّمُهُ) عَلَى الإِمَامِ (بِرُكْنٍ فِعْلِيٍّ) تَامٍّ كَأَنْ رَكَعَ ثُمَّ اعْتَدَلَ وَالإِمَامُ لَمْ يَرْكَعْ بَعْدُ وَلا تَبْطُلُ الصَّلاةُ بِذَلِكَ (وَتَبْطُلُ الصَّلاةُ بِالتَّقَدُّمِ عَلَى الإِمَامِ بِرُكْنَيْنِ فِعْلِيَّيْنِ مُتَوَالِيَيْنِ طَوِيلَيْنِ أَوْ طَوِيلٍ وَقَصِيرٍ بِلا عُذْرٍ) كَأَنْ يَرْكَعَ الْمَأْمُومُ وَيَعْتَدِلَ وَيَهْوِي لِلسُّجُودِ وَالإِمَامُ بَعْدُ قَائِمٌ وَ(كَذَا) تَبْطُلُ صَلاةُ الْمَأْمُومِ بِـ(التَّأَخُّرِ عَنْهُ) أَيْ عَنِ الإِمَامِ (بِهِمَا( أَيْ بِالرُّكْنَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ )بِغَيْرِ عَذْرٍ( كَأَنْ رَفَعَ الإِمَامُ رَأْسَهُ مِنَ الرُّكُوعِ وَاعْتَدَلَ وَبَدَأَ بِالْهُوِيِّ لِلسُّجُودِ وَالْمَأْمُومُ بَعْدُ قَائِمٌ لَمْ يَرْكَعْ )وَ) تَبْطُلُ الصَّلاةُ أَيْضًا بِتَأَخُّرِ الْمَأْمُومِ عَنِ الإِمَامِ )بِأَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ( كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودَيْنِ )وَلَوْ( كَانَ تَأَخُّرُهُ )لِعُذْرٍ( كَبُطْءِ قِرَاءَتِهِ لِلْفَاتِحَةِ )فَلَوْ تَأَخَّرَ( الْمَأْمُومُ عَنِ الإِمَ
الموضوع : الطَّهَارَةُ وَالصَّلاةُ المصدر : موقع قلوب العرب